السبت، 1 أكتوبر 2016

النص للفاضل عبدالله الوهيبي

 
لحظات تأمل مسهبة وبائسة في صورة معشوق ما. ساعات ثرثرة في تحليل مباراة من الموسم الماضي. دقائق يومية للتحسر أمام المرآة على جمال ضائع، أو دمامة متزايدة. ليالي مبذولة في حصص رياضية، لتفادي شحوم تتراكم، أو بحثاً عن خصر رشيق مستحيل التحقق. أيام كثيرة حزينة بالكاد ندفعها بتفاهات مريرة لكي تمضي بعيداً. كآبة غامرة تحول الأسبوع لاضطجاعة طويلة يسبقها نوم، ويعقبها إغفاءة. حفلات تخرّج وزفاف وطلاق ومواليد ووفيات وحصول على درجة علمية أو ترقية أو أية مناسبة مخترعة، تستغرق أوقات للإعداد والحضور. ساعات كثيفة تتبخر في قراءة رواية تافهة أو حملقة مجهدة في فيلم سخيف.
لن أتحدث عن حقيقة أن معظم وقت الانسان على الأرض يذهب في احتياجاته الرئيسية، النوم والأكل وما شابه. ولا عن قبائح المدنيّة والتحضر، كأوقات الانتظار في المستشفيات، والإدارات الحكومية، وفي طوابير الأسواق، والمطارات، ونقاط التفتيش، وفي ازدحام الطرقات، ولا عن الأوقات المجهضة في شبكات التواصل، فهذه قصة مطروقة.
حسناً.. قارئ شغوف أعرفه كتب مرةً:" شدة الإحساس بالزمن تحزّ مفصل المنهوم بالعلم". إن حدة الشعور بمرور الزمن سمة أصحاب الديانة، وعشاق العلم، من ذوي الحسّ المرهف، والنفوس الشفافة، وهذا الشعور يوقد في النفس توتراً صحياً دائماً، وبخلاً حميداً بالأوقات. المفارقة المستمرة التي تثير الشجى تتكرر بين علماء وعظماء يبحثون بدأب عن أوقات إضافية لإنجاز أعمالهم، وآخرين يمثّل لهم الوقت مأزقاً في ذاته، بتمدده وتمطيه وبطء حركته.
الزمان هو العنصر الأكثر التصاقاً وجودياً بالتركيبة الإنسانية، لأنه يمكنك تغيير المكان والأصدقاء والزوجة والعمل وسوى ذلك، ولكن لا يمكنك الخروج على قانون الزمن فهو ظرف الوجود. لويس عوض قصّ في مذكراته تجربة تعاطيه للمخدرات، وشرح كيف أنها تبعثر أو تفجّر شكل الزمان المعتاد في ذهن المتعاطي، ربما هذا الاستثناء الوحيد والكارثي.
يقولون ضع خطة، وجدول، وأهداف قصيرة ومتوسطة وبعيدة…الخ، هذا مفيد، ولكن قبل ذلك، إفعل كل ما يمكنك مبتهلاً لله أن يخلق في روحك الشغف بالعمل والإنجاز، وبذل الصالحات، تلك الروح التي لا تكف عن وخزك كل مساء لتقوم بالأفضل. هذه أعظم خطة.
ليغفر الله لنا ما فرطنا في عامنا السالف، وليبارك لنا في عامنا الجديد، وليختم لنا بخير وعلى خير.

عبدالله الوهيبي
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق