الأربعاء، 21 مارس 2018

النص للكاتبة "ورد آدم"


النص للكاتبة : ورد آدم
مرحبا .. 
أنا وحيد، و لا أريدك أن تشعري على الفور بالانتصار، أنا أقول أني وحيدٌ فقط و لم ألمّح حتى أني بحاجة إليك ..
فلتعلمي أصلا أن هذا الفراغَ الهائل في صدري أكثر اتساعا من أن تحتله ضئيلةٌ مهزوزة مثلك! 
كل ما في الأمر أن الوحدةَ تنمو على روحي كطحالب رطبة، إنني أغرق تحت هذه الخضرة،
تنزلق روحي كلما حاولت النهوض بها و تهوي في الوحدة مجددا .. 
أخبريني يا حكيمة الزمان، ما معنى وجود الإنسان إن لم يكترث بهذا الوجود أحد ؟
ما قيمةُ أن يكون جميلا إن لم يهدِ جماله لمحبوبه،
و ماذا يفعل بالعواطف عندما يجوب التجاربَ الموحشة و يهرقها على مقاعد الانتظار، 
دون أن يسكبها في حضرة حبيبه الأعزّ؟ 
ما قيمة الكلمات ينثرها في رسائل لن تصل، دون أن يحظى بغنيمة انتظارِ الرد !
ما معنى ان يكون ناجحا و وسيما، أو قبيحا و فاشلا دون أن يشاركه أحدهم فرحه أو تعاسته؟
المشاركةُ تلّمع أكثر الأحداث و المشاعر بؤسا على وجه الكوكب، 
و تجعلها مقبولةً غير فتاكة أو قاتلة ،
هل تذكرين ثُمالتنا بالحزن معا؟ 
ألم يكن حزننا آنذاك شهيا نقيا مُكتملا ..

كل انفعالٍ أو شعور اختبرته معك أكاد ألمسه و أحدد موضعه و كأنه صار قطعةً من نفسي 
قربُك مني كان يشكّلني، يعيد بناء ذاتي المفككة و يملأ رفوف ذاكرتي بالجميل الثمين
أنا وحيدٌ و تأكلني الوحشة، قربيني منك .. 
من ألمكِ من خوفك .. قربيني 
سترينَ ما زلت أُحسن إضحاكك ذات حزن و أنجح في إنهاء ساعات الملل بموقف درامي مُهيب يشحذُ كل حواسك الخاملة 
قربيني منك عندما يزحف بردُ العالم على روحك، ما زال بإمكاني أن أغزل من الأمل أو الوهم شالا يلفّنا معا 
قربيني منك إذا حزنتِ، منك الحزن و أتكفل أنا بالدمع
قربيني منك إذا هزمك جُور العالم، ما زلتُ أنتشي بفرحِك كلما بنيتُ لك عالما جميلا مسالما 
ما زال في جعبتي كثير من الأكاذيب الحلوة و الوعود المزيفة أهديها لك في كل انهيار 
قربيني منك إذا امتلأتِ يقينا فأنا يقتلني الشكّ في جدوى وجودي
قربيني منك إذا امتلأتِ إيمانا و سكينة، دثري بردَ ارتيابي بدفئِك الأوفر 
نعم .. أقول لك مجددا أنا وحيد و استرسلت في الهذيان ليس إلا ..
وحيدٌ و مَنسيٌ كطريق مهجور لا يُفضي إلى شيء ..
و لا أريد منك أن تقربيني إليكِ لقد نسيتُك تماما أما عرفتِ ؟ 
نسيتُ لون عينيك و طول شعرك، نسيت اسمكِ و بحة صوتك 
كعجوز مصاب بالزهايمر نسيتُك دون أدنى شعور بالذنب أو الأسف 
و ها أنا أصبّ عليك الشتائمَ مئة مرة في كل يوم مذ نسيتُك.

لكن ماذا لو فكرتِ يا عاليةَ المقام بالمجئ؟ 
أنا عالقٌ في فخ الوحدة و عاجز عن السفر ماذا لو .. 
تعالي .. 
تعالي خفيفةً مرحة كفراشة، كحلم .. 
تعالي عزيزة بهيّة كأميرة تتفقد مملكتها 
تعالي ممتلئةً غواية كالربيع يغسل وجه الأرض الكئيب 
تعالي و نافسي الحساسين في غنائها .. ثم اصفحي عن عجزها و دعيها تتعلم منك التغريد 
تعالي و انثري ابتسامتك الفاتنة على فقراء الحظ و المساكين، هبيهم نشوة الفرح و غيّري موعدَ العيد !
تعالي .. على أيّ حال تعالي
نحن لا نسأل الهواء من أي اتجاه و بأي مزاج جاء .. نحن نتنفسه و حسب.
تعالي مدويةً مهيبة كانفجار عظيم 
تعالي مُربكة صامتة كحزنٍ قديم 
تعالي حزينة كسِيرة كموالٍ عراقي
تعالي ساحرةً حارّة كجمال شرقي 
لكن تعالي ..

أحتاج عمرا كاملا أتعلم فيه كيف أتوقف عن انتظارك .. 
كيف لا أنتظر منك "صباحُكَ خير" لتبدأ الحياة 
كيف لا أتحرى عطرَك في الهواء 
و أصوات ضحكاتك في زحمة الأصوات .. 
كيف أقتل هوسَ انتظار مشاركتِك في الأحاديث و الأشياء التي أحبها
أنا وحيد، وحيدٌ و منسي و أحتاجك 
مسكون بك و ليس بمقدوري أن أقترف نسيانك هل تفهمين؟ 
حتى اللغة، تعرف أني كاذبٌ عندما أتحدث عن نسيانك، تسخر مني و لا تأخذني على محمل الجدّ !

حسنا .. لقد امتلأت الورقة عن آخرها بالهذيان إلا سطرا سأخبرك فيه أني :
أكرهكِ 
ما 
فارت 
في 
صدريَ
الأشواق.

إليوشا .
ورد آدم