السبت، 29 يوليو 2017

وقفة تأمل




 هل تتلاشى قدرتنا على التعبير عندما نقبض بكفوفنا على عنق الإلهام، فنفقد حينها شغفنا بالثرثرة تدريجيا حتى نتوارى في بئر السكات..!

متى تغرينا الكتابة لنشحذ القلم فنرسم حينها مشاعرنا كأنثى تستعرض بغنج قدها المياس عند النواصي، فتنتشي بنظرات وله مريديها، و متى نزهد الحديث فنتخذ وضعية القرفصاء قابعين ركن غرفة مظلمة نراقب الكون على اتساعه من ثقب صغير.!؟

هل الإفصاح بالكتابة بات عادة و سمة لأهل هذا الزمان..!؟

متى انخرط الكوكب في التعبير عن دواخله حد الاحتراف,, الحقيقة لست أدري..

لكني أعلم جيدا أني جئت من تلك البلاد البعيدة الصامت أهلها، من تلك البلاد التي مالت فيها الجدة على أذن الصغيرة و وشوشت "أن ثمة أمور تخفيها الصدور، و لا يجب أن يعلمها إلا الله و القبور"

إذا ماذا أفعل أنا هنا.!؟... نعم نعم لقد تذكرت، لقد جرفني السيل ذات وهن، أو ربما أنا من شققت دربي بمحض إرادتي ذات تجبر,,, لا بأس.. سيان,,, المحصلة: أنا هنا...

وحتى يشاء الله


الإلهام...!؟

الإدراك ... الوعي.. البصيرة..!؟

المهارة... سواء فطرية تليدة ،أو مكتسبة عبر تمرن و تمرس طال أو قصر مداه.!؟

من له الأولوية على من..!؟

من منهم شرط جوهري لخروج نص مائز للساحة الأدبية.!؟

أم يتضافر ما قد سلف بالذكر على حد سواء مع الكثير من المقومات الأخرى على غرار القراءة و الاطلاع و الجسارة و الولع بلفت الانتباه و اعتمال المشاعر و تجيشها ...أم الفراغ ...أم الشفافية و الهشاشة ووووو...و ما إلى ذلك من محرضات.

من وجهة نظري يحدث أن نقرأ نصوص تفتقر إلى مقومات النجاح من منظور جهابذة علوم اللغة والقائمين على إرساء حدودها وفنونها لقصور في الإملاء أو النحو أو تعوق في سير السرد يتضمنه النص، و على غير المنتظر يستل ذاك النص لبنا بجدارة، بينما يحدث أيضا أن نفتر و نعزف عن نصوص لا خلاف على كمالها اللغوي لغياب المصداقية و الالتحام مع كاتب النص.

بالتحديد لست أدري متى أو أين.. لكن ذات يوم قرأت عبارة تقول "أن ما لم يمتك لم يحينا" أو هكذا على ما أذكر....

حقيقة... إن لم تتشظى الحروف عن روح صاحبها، و إن لم يتجسد النص في صورة لحم و دم و نبض، لن يقع في فؤاد القارئ، و لن يمس تلابيب الروح و لو من بعيد و إن بلغ أقصى مراتب الكمال اللغوي.
كما يحدث أن تجتمع العوامل ليخرج للنور نص نطلق عليه عندها اسم الإبداع..

هنا نجد أنفسنا أمام سؤال مهم ... هل الهدف من الكتابة هو تفريغ شحنة أفكار تتلاطم داخل الكاتب، أم تقدير منشود من القارئ و المتلقي، أم السعي لتغيير وضع غير مرضي، أم كل ما سبق و أكثر..!؟

أحيانا أشعر أن البعض قد نسي الهدف من التواجد ليصبح التواجد في حد ذاته هو الهدف..

و هنا تماما و عند تلك النقطة يجب أن يتخذ الكاتب وقفة تأمل يتفقد عندها وضعه، يقيم حاجاته و أهدافه، وقد يكمل بعدها إن شاء..!!!    

نسرين