الخميس، 2 نوفمبر 2017

قراءة حول رواية "موسم صيد الغزلان" للكاتب " أحمد مراد"



قراءة حول رواية "موسم صيد الغزلان"


*****


لسبب ما.... ليس كل ما أقرأ يستفزني و يحضني على الكتابة، لا الاعجاب ولا النفور ولا أي من العناصر الملموسة يمكنها أن تحركني و تثير شهيتي للثرثرة!
هنا و من جديد,,,, ثرثرة جديدة حول رواية جديدة للكاتب "أحمد مراد"
فجأة و على غيرالمعتاد منه مؤخرا، خرج علينا مراد و تصاحبه دار الشروق ذات صبيحة تشرينية باردة، برواية جديدة لم تتزامن مع بروبجندا ولم تنل ولو ذرة دعاية مسبقة تشفي شغف مريديه، اولئك الذين قتلهم الشوق لحرفه و فكره الذي في الأغلب يثير الزلازل و البراكين في الوسط الأدبي، و قد تستمر التوابع لزمن ليس بالقليل,,,
أيضا هناك شريحة عريضة بشوق لنصوص مراد، لكن ليس لتمجيده و ما إلى ذلك، لكن لتجديد وصمه بصفات على شاكلة متحرر، منفلت، كافر، مجنون .....!
الحقيقة ولن أكذب القول كنت واحدة من ملايين، انتظرت روايته القادمة بشغف غير مبرر بوضوح، و بمحاولة هزيلة مني لمعرفة سر هذا الشغف، كان نتاج التفكير : الفضول و حسب.
اهداني ضي عيني نسخة ورقية، أخرجها من حقيبته فور عودته من الجامعة، كانت عينه تترقب نظرة عيني التي لا يمكننا القول أنه لايتوقعها مسبقا...
بحماس طفولي سخيف، عبثا لطالما انتويت في قرارة نفسي تحاشيه فيما يدعى بالمرات المقبلة، سارعت في التقاط الرواية من يديه التي رفعها لحدود لم تطالها يدي، ربما لان طول صغيري فاق طولي منذ زمن، وربما لعجز في عضلات  خصري، كان من المستحيل امتشاق الرواية من بين انامله إن لم يسمح هو بذلك، تبا للعجز، متى و أينما كان لعنة الله عليه.
تأكدت عندها أن ملامح وجهي لا تتقن الابتسامة الهادئة عندما يتطلب الأمر ، إما تضحك عيني و تقهقه في مرح ابله غير محسوب، أو أنها يصيبها شلل فلا تصدر شيئا البتة، و دون ذلك يعد زيف مجتمعي لمواكبة الحدث....!
بخبث ناولني الصغير المتغطرس الرواية، بعدما تركني خامدة الحماس غاطسة في حضن أريكتي كقط بائس الح عليه عجزه ذات مطلب..!
كانت تلك ملابسات اقتنائي لرواية " موسم صيد الغزلان" للكاتب "أحمد مراد"
جائت الرواية في نسختها الورقية لتضم 333 ورقة، في ظني الشخصي لم تكن مصادفة بل عن تنسيق مسبق و متعمد من قبل الكاتب و لهدف صبياني ربما لا يعدو لفت الانتباه، فالرجل حقيقة و في العموم ليس إلا طفل كبير-قبلاتي لك يا جميلة-
جائت الرواية بلا اهداء أو مقدمة تقليدية أو فهرس .
الغلاف و الورق من الخامة المتواضعة ، بالتأكيد كان ذلك عنعمد حتى تخرج الرواية بتكلفة وربح يسمح لكل الفئات أن تقتنيها بيسر، و الحقيقة أن ثمن الرواية فعلا يعادل دجاجة متوسطة الحجم.
الغلاف لم يغفل عنصري الغموض و الابهار من حيث التصميم والألوان المعتمدة.
خمرية مرصعة بنمش شهي، ذات ثغر قرمزي و عيون ملفتة في زرقة بحر تحلق فوقه النوارس، يؤطر شقها الأيمن خصلات غجرية بلون ثغرها، غارقة في فضاء داكن بلون السواد,,,في الخلف و كما جرت العادة تم تدوين ملخص ترويجي عن الرواية والكاتب بقلم الدار رافقتهم صورة قديمة للكاتب من روايته السابقة....  كان هذا توصيفي للغلاف.
بالطبع نجح مراد  في التسويق للرواية رغم غياب التمهيد المسبق، فلم تخرج حتى شائعة واحدة تتنبأ بقرب موعد اصدار الرواية، كيف تمكن من هذا,, لست أدري...؟
أيضا عجزت عن معرفة الطريقة التي مكنته من التحكم في ايقاف تسريب الرواية بشكل الكتروني... ربما مسألة وقت ليس إلا..!
العنوان لم يخلو من الاثارة و فتح بداخلي تكهنات عدة عن ماهية الغزلان التي حل موسم صيدها في هذا التشرين تحديدا..!
حجم الرواية لم يتجاوز الكف مما سبب لي صعوبة في تصفحها.
خلال خمس ساعات على مدار سهرتين كنت قد انتهيت من قراءة الرواية.
صاحبتني الدهشة عموما أثناء القراء....- الدهشة لا تعني بالتحديد الاعجاب-
زارني الملل و عانيت من التكرار و المط قبل النهاية بمئة صفحة.
تعتريني رغبة بشعة اقاومها بكل ما أوتيت من حكمة لفض ستر الرواية، ارجع تلك الرغبة لشعور بالخيبة تملكني عندما وصلت ضفة الغلاف الخلفية..!
البداية كانت مع حكمة لفيلسوف عالمي..ترى لماذا لم يقتبس من عبارته الشخصية؛ وددت ذلك..!
الرواية بدأت باسلوب مبهم شيق يحتاج لبعض من تركيز، و ربما ثمة فقرات تتطلب من القارئ الاعادة.
اسلوبه في توصيف الزمان و المكان و الأشخاص جاء في منتهى الروعة كعادته، دارت أحداث الرواية في زمن المستقبل و صاحب الاحداث تعريف ببعض المصطلحات و التقنيات.
لم يكثر من الاستعارات و التشبيهات الأدبية و لم يكترث لفكرة زركشة الرواية بمفردات بليغة، و احتلت العامية نصيب الأسد في السرد و عرض الأفكار المحورية المتضمنة للرواية.
اصابني التيه أثناء قراءة بعض الحوارات بين شخصيات الرواية فاهتزت اليابسة من تحت قدمي، لكن سرعان ما تدركني جملة ما أوعبارة تساعدني في تمييز صاحبها و ترسو بذلك قدمي على ميناء أفكار كاتبنا المتلاطمة الموج.
لم يسترسل في وصف بطل الرواية"نديم" و ترك لخيال القارئ رسم ملامحه وتفاصيله، ربما ترك تلك التفصيلة حرة عن قصد ليترك مساحة من الحرية في حالة تجسيد الرواية بشكل سينمائي كما حدث معه أكثر من مرة .
في روايته السابقة خلط التاريخ بالخيال، و هنا كعادته تداخل الواقع مع الخيال، الحقائق الفيزيائية مع الهذيان، سيطر هذا الخلط على كتابته بالقدر الذي عجزت معه عن تمييز إن كان ما يخبرعنه حقيقة علمية أم محض عبث و خيال علمي.. وفي الحقيقة لا يثيرني الأمر بقدر تكبد عناء البحث و التقصي عنه..!
هري هري هري....-مصطلح عامية يعني هراء- رددتها كثيرا مؤخرا و الفضل يرجع لموسم صيد الغزلان التي من الغلاف للغلاف شعرت أن مراد تخمرت فكرة الرواية و أحداثها في تلافيف عقله أثناء قعدة حشيش ....( نعم,, أناعلى يقين.. دي دماغ حشيش و هذيان حشيش ، أعرفها جيدا..!)
امسكت خلسة بومضات مستنسخة من روايات سابقة للكاتب نفسه، و في الثلث الاخير هناك ورود صريح و بالعنوان لجزء من روايته قبل الاخيرة.
هناك غرور ملحوظ في شخصية الكاتب ربما يعود لنجاحاته السابقة، و هذا في ظني ما ارتكز إليه أثناء الترويج لروايته الجديدة، أظن أن هذا الغرور نذير شؤم و عليه أن يتدارك الوضع.
 هناك فقر في أحداث الرواية، وربما يمكن لمن قرأها بسهولة أن يختصرها في سطر واحد، جاء ذلك على حساب ثرثرة و ترويج لفكر لا يصعب علي البتة التنبأ بمردوده على المستوى المجتمعي .
في نظري أحمد مراد لا يحمل في روحه من تلك الأفكار والخواطر والادعاءات و لو ذرة يقين ، والهدف عموما هو اثارة الرأي العام بغرض التربح و الشهرة ليس أكثر.... أو هكذا تمنيت..!
شكل الأفكار و نغمة السرد جاء فج وقح عن عمد.
ربما... بل من الوارد بشكل واسع أن تنعصف فئة هشة مع الأفكار الواردة بالرواية، بالتالي أغلب الظن أن" موسم صيد الغزلان" ستحجب عن بعض بقاع الأرض التي ما زالت لا تعي بشكل جيد سمات العصر و لا تواكب التحصن من خطورته بالخطوات الصحيحة البنائة.
ناقش حقائق مثل الموت، الحياة، المعتقدات ، الغيبيات، تناسخ الأرواح عبرالزمن، كما صاحبتنا نظرية داروين للتطور و أيضا خاض في عالم الاحلام .
الجنس كان العنصر الحاضر بالحاح و الشاهد على كل صفحة طويتها في الرواية.
طرح منظورا مفزعا عن العلاقة الزوجية ... أخشى أنه بات الرائج مؤخرا لأسباب ربما أتناولها  بالكتابة لاحقا,,,,, وربما لا,,, من يدري....!؟
لبعض الوقت استفزتني أفكار البطل عن المرأة و رأيتها مهينة ،ثم هدأت عندما ربت على صدري و القيت في قرارة نفسي أنه من المستحيل أن تسكن تلك الافكار غير روح مريضة ونفسية مشوهة يتملكها مراهقة مزمنة، بالتالي عادت الاهانة في نظري لمتبني الأفكار..!
أي جزء فيك هو أنت؟
أي جزء من جسدك يعبر عنك؛ و إذا تم استأصاله أواستبداله نكون قد مسخناك؟
سؤال ورد بالرواية، راقني وسبحت في فكري شاردة باحثة عن اجابة ترضي عقلي.
رقم سبعة تزامن مع كل عملية احصاء,,,, لماذا يا ترى سبعة بالتحديد..!؟
الدعاء... الدعاء....... الدعاء ؟
تخلل الرواية نصائح في شكل نقاط منفصلة.
نحلم الآن بمن نشغل حيزا من تفكيرهم، و يحدث أن ينتابنا الآرق و نبيت ليلة يجافينا النوم لاننا اسرى حلم أحدهم... كانت تلك نظرية قرأت عنها ذات يوم و تذكرتها هنا مع موسم صيد الغزلان و إن لم ترد على نفس السياق.
أثناء تصفح الرواية شعرت بتشابه بينها و بين فيلم قديم لا امل مشاهدته مهما زاد التكرار، كان ذلك رغم غياب النقاط المشتركة التي تربط بينهما.
 Eternal Sunshine of the Spotless Mind
في نهاية الرواية وبعد أجواء الاثارة والتشويق و الحبكة،انحلت العقدة بشكل ساذج، انسابت التبريرات بشكل افتقر للمنطقية و الحرفية، و كأنه في لجنة اختبار و في غضون لحظات سيتم ترك القلم ، فقرر أن يلفق أي نهاية  والسلام قبل سحب الورقة، فجاءت الخاتمة سطحية و فيها إستهانة بعِشرة دامت 333 صفحة تحملت خلالها من الهذيان و الأفكار الفجة و الجنس في امقت تجلياته و صوره،,,,,, تحملت الكثير و الكثير حقيقة .

 صبت الحقائق التي تفسر سير الأحداث فوق رأسي كصب الماء المثلج، صبة واحدة بلا هوادة ولا مقدمات،صبة واحدة شهقت معها شهقة الفقد لا الانبهار، صبة أورثني ذلك الشعور بالحقد  و الغضب، صبة زرعت الثأر بصدري نحو مراد شخصيا، و تركت في نفسي شعورا قويا بالخيبة، خيبة تمنيت معها لو أن أحدهم يقايضني بدجاجة و لو نحيلة في مقابل " موسم صيد الغزلان" ..!!! 


نسرين