الخميس، 2 أبريل 2015

ذئب جائع سفاح



ذئب جائع سفاح 






عاصفةٌ هوجاء  سكنتْ ..

والبسيطةُ بالثلجِ اكتستْ ..

والسكونُ لفَّ الطرقاتْ ..

ومن غابةِ الظلماتْ ...

للأبصارِ ظلالٌ لاحتْ ..

ذئبٌ جائعٌ سفاّح َكانتْ ..

يطاردُ الغريبَ وعابرَ السبيلْ

يطاردُ حتى ابن البلدِ الأصيل ْ..

ويغلقُ الآفاقَ لأشباح ِاللّيلْ ..

ويجرُّ فريستَهُ على بياضِ السهلْ ..


والبشرُ يا أمّاه  اختبأتْ ...

والفرائسُ من بطشهِ هربتْ ..

لم يمنعْهُ سياجٌ طوَّقَ البيتْ ..

فهو يشمُّ رائحةَ الخوفِ والموتْ

هل تسمعين يا أمّي الصرخاتْ !

تركنا الحقلَ والمتاعَ والبيتْ ..

أحرقنا الكتبَ وأفكاراً كتبناها بصمتْ ..

وتفرّقنا ياأمي في غابةِ الظلماتْ ..

نحمل الرغيفَ الأسمرَ وبضعَ قطراتْ ..

وحوشٌ تتربَّصُ بنا وتُلاحقنا المفترساتْ ..

حتى أصبحنا مشرّدينَ ولاجئينَ في مخيمات ْ..

ما قيمةُ الإنسانِ يا أمّي بلا انتماءاتْ  ..

بلا عنوانٍ ، بلا وطنٍ ، بلا عِلْمٍ ، بلا هوياتْ ..

والذئبُ ما زال طليقا يعيثُ بالمقتنياتْ ...



****


بقلم مؤيدة بنصر الله ( نادية )

الأربعاء، 1 أبريل 2015

في ذات يوم ماطر قصة قصيرة

" قصة  قصيرة "


في ذات يوم ماطر ...








في ذات يوم ماطر ، كانت حبَّات المطر تصطف 

بهندسةٍ إلهية بارعة ، 

لتشكِّل خيوطا منهمرة من عيون السماء ، وكانت 

الريح تغيِّرُ مسار 

خيوط المطر  المستقيم ، ليصبح مائلا كخصلات 

شعر غجرية ساحر  ،تهتُ في رماديَّةِ طرقاته ..


لم يكن يكفي أن أراقب المطر من وراء زجاج 

شفاف، أو أسمعنقرات

أنامله المائية على درفتي  نافذتي ،  وكانت رغبة 


عارمة بأن يغسلني المطر  كما غسل أبنية

 المدينة وطرقاتها ، وأشجار الغابة 


ودروبها  ، و زهور الحديقة وصخورها ، فاكتستْ 

ببريق الطهارة والنضارة ....



توشَّحْتُ حماقة رغبتي ، وانتعلتُ صخور دربي ،و سرتُ ببطء والمطر 

يجتاحني ، والريح تدفعني ، والبرق يضيء  تارات 

طريقي   ، لا بأس فالمطر صديقي ...


وكان لا بدَّ من مرسى ، فتوقفتُ عند مسكنها ، 


ودعتني لفنجان قهوة ،  ولا أجمل من فنجان قهوة 

في ذات يوم ماطر !!



كان صوتها ناشزٌ  يعكِّر لحن المطر ، وضحكتها 


الصارخة تضيِّع رهبةَ المطر ، وتساءلتُ لم هي رفيقتي !!

لأننا في نفس الكلية والقسم ؟ والقدر جمعنا 

بنتين وحيدتين ؟

ربما ...


قلَبَتْ فنجان قهوتها ، وقالت لي مازحة :

-         لم لا تقرأين لي فنجاني ؟!!

فابتسمتُ :

-         ومن قال لك أني قارئة فنجان ؟!!

ومن دون أن أسمع ردا ، حملتُ فنجانها بين 


أصابعي ، وتأملتُ فيه 

وأنا الجاهلة بخطوطه ، ثم نظرتُ في عينيها ، كانت كتابا مفتوحا – 

على الأقل بالنسبة لي -  وهمستُ لها :


 " - إنَّكِ دائمة القلق ، يا "سهام " وشيء ما يقلقك باستمرار ..

 هناك شخص تهتمين لأمره لكنه يدير ظهره لك ولا يهتم ..

هناك من جرحك ذات يوم ، وأنت لا تستطيعين 

النسيان .. "


ورفعتُ نظري من فنجانها ، لأرى عينييها 

محملقتين في عيوني ، ثم

 ضحكتْ ضحكتها الصارخة الناشزة تلك وأقسمتْ 

باستغراب أنَّ كلَّ 

ما قلتُه لها صحيح ..وأني أفضل من قرأ لها فنجانا ذات يوم ...


ابتسمتُ وأنا الجاهلةُ بخطوط وقراءة الفنجان ، بل 


ولا أؤمن  بهذه الترهات ...


لكن  في تلك اللحظة وأنا أنظر لعينيها وردة فعلها ، 

عرفتُ لم كنت أرافقها !!


لأنها طيبة القلب ، لا تنافق ولا تعرف كيف تنافق  ...




تركتُها مع خطوط فنجاها ، وعدتُ لغرفتي  ، 

تبلَّلني قطرات المطر 

الذي بدأ يصبح طلّا هادئ الرتم والنغم ...


عدتُ أتأمل فنجاني ، ولم أعرف أن أكون ماهرة 

فيفك شيفرة خطوطه كما فعلت مع " سهام "

 ..


هل ذاتنا دائما بحرٌ حالك السواد ؟! ويتطلب الأمر 

غواصا ماهرا 

لنكتشف مكنونات أنفسنا ؟!


أم أنَّها صفحةٌ بيضاء ، وضباب إنسانيتنا الخرقاء 

يحجبها ؟!


 مهلا ، لقد عرفتُ الجواب في ذاتِ يوم ٍماطر ، ولا 


أدري عنكم بعد !!!




 *****


مؤيدة بنصر الله ( نادية )