الأربعاء، 1 أبريل 2015

في ذات يوم ماطر قصة قصيرة

" قصة  قصيرة "


في ذات يوم ماطر ...








في ذات يوم ماطر ، كانت حبَّات المطر تصطف 

بهندسةٍ إلهية بارعة ، 

لتشكِّل خيوطا منهمرة من عيون السماء ، وكانت 

الريح تغيِّرُ مسار 

خيوط المطر  المستقيم ، ليصبح مائلا كخصلات 

شعر غجرية ساحر  ،تهتُ في رماديَّةِ طرقاته ..


لم يكن يكفي أن أراقب المطر من وراء زجاج 

شفاف، أو أسمعنقرات

أنامله المائية على درفتي  نافذتي ،  وكانت رغبة 


عارمة بأن يغسلني المطر  كما غسل أبنية

 المدينة وطرقاتها ، وأشجار الغابة 


ودروبها  ، و زهور الحديقة وصخورها ، فاكتستْ 

ببريق الطهارة والنضارة ....



توشَّحْتُ حماقة رغبتي ، وانتعلتُ صخور دربي ،و سرتُ ببطء والمطر 

يجتاحني ، والريح تدفعني ، والبرق يضيء  تارات 

طريقي   ، لا بأس فالمطر صديقي ...


وكان لا بدَّ من مرسى ، فتوقفتُ عند مسكنها ، 


ودعتني لفنجان قهوة ،  ولا أجمل من فنجان قهوة 

في ذات يوم ماطر !!



كان صوتها ناشزٌ  يعكِّر لحن المطر ، وضحكتها 


الصارخة تضيِّع رهبةَ المطر ، وتساءلتُ لم هي رفيقتي !!

لأننا في نفس الكلية والقسم ؟ والقدر جمعنا 

بنتين وحيدتين ؟

ربما ...


قلَبَتْ فنجان قهوتها ، وقالت لي مازحة :

-         لم لا تقرأين لي فنجاني ؟!!

فابتسمتُ :

-         ومن قال لك أني قارئة فنجان ؟!!

ومن دون أن أسمع ردا ، حملتُ فنجانها بين 


أصابعي ، وتأملتُ فيه 

وأنا الجاهلة بخطوطه ، ثم نظرتُ في عينيها ، كانت كتابا مفتوحا – 

على الأقل بالنسبة لي -  وهمستُ لها :


 " - إنَّكِ دائمة القلق ، يا "سهام " وشيء ما يقلقك باستمرار ..

 هناك شخص تهتمين لأمره لكنه يدير ظهره لك ولا يهتم ..

هناك من جرحك ذات يوم ، وأنت لا تستطيعين 

النسيان .. "


ورفعتُ نظري من فنجانها ، لأرى عينييها 

محملقتين في عيوني ، ثم

 ضحكتْ ضحكتها الصارخة الناشزة تلك وأقسمتْ 

باستغراب أنَّ كلَّ 

ما قلتُه لها صحيح ..وأني أفضل من قرأ لها فنجانا ذات يوم ...


ابتسمتُ وأنا الجاهلةُ بخطوط وقراءة الفنجان ، بل 


ولا أؤمن  بهذه الترهات ...


لكن  في تلك اللحظة وأنا أنظر لعينيها وردة فعلها ، 

عرفتُ لم كنت أرافقها !!


لأنها طيبة القلب ، لا تنافق ولا تعرف كيف تنافق  ...




تركتُها مع خطوط فنجاها ، وعدتُ لغرفتي  ، 

تبلَّلني قطرات المطر 

الذي بدأ يصبح طلّا هادئ الرتم والنغم ...


عدتُ أتأمل فنجاني ، ولم أعرف أن أكون ماهرة 

فيفك شيفرة خطوطه كما فعلت مع " سهام "

 ..


هل ذاتنا دائما بحرٌ حالك السواد ؟! ويتطلب الأمر 

غواصا ماهرا 

لنكتشف مكنونات أنفسنا ؟!


أم أنَّها صفحةٌ بيضاء ، وضباب إنسانيتنا الخرقاء 

يحجبها ؟!


 مهلا ، لقد عرفتُ الجواب في ذاتِ يوم ٍماطر ، ولا 


أدري عنكم بعد !!!




 *****


مؤيدة بنصر الله ( نادية ) 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق