الثلاثاء، 5 يوليو 2016

عودا حميدا يا بني



"عودا حميدا  يا بُني"



ضيٌّ في بؤبؤ عينيه يرسم شعاعا صغيرا في سواد حدقته ،
فتبرق فيهما أفكار خديجة...

 حيرة وتساؤلات توشوش فكره اليانع الغرّ الذي بدأ يرسم معالم
شخصيته وتوجهاته المبهمة فيما مضى ...

بأسى يتذكر كلام صديقه المراهق ، عندما مال ليسند ظهره على
المقعد فبدى عليه الألم والوجع وهو يكتم تأوهةً صغيرة ،
وعندما سألوه اعترف بهدوء :

"  - إنها آثار ضرب سوط أبي على ظهري وأنا صغير ...
فوالدي اعتاد ضربي بالسوط  عندما أخطأ ، وما تزال الآثار
محفورة في ظهري وتؤلم عندما أستند عليها " ...

بذعر استهجن الشاب الغرير كلام صديقه ،  ويكاد يتقطع منه
الوتين وهو يفكر كيف أنَّ الألم في جسد طفل صغير حفر ندبا في
جلده الغضِّ صعبةَ الزوال حتى بمرور الأيّام  ، إلا أنّ ما آثار
دهشته ورعبه أكثر أنّ صديقه تابع يبرّر :

" – أبي كان يُربيني جيدا ، وانظر ما صنع مني ، لقد صنع
رجلا ..
وسأعاقب أبنائي بنفس الطريقة أيضا ، لأصنع منهم رجالا "

ويضطرب التفكير أكثر وتتداخل دوائر التساؤلات أكثر حتى تُبْهَمَ
الرؤية ، عندما يقارن كلام هذا الصديق بكلام رفيق آخر يضربه
والده بعنف عند كلّ هفوة ، حتى أصبح مكسور الذات غير سويّ
السّلوك ، ويتوَّعد وهو يقول :

" -  لا يحقُّ له ضربي ! لقد أصبحت شابا ! أريد أن أتحرّر من سطوته .."

تذكر  كيف حكى له والده الحكايا  عن معاملة والديه القاسية له
لكنه ناضل وتعب ليكون ذلك الإنسان العظيم ، ثم تذكر كلام أمّه
أنّه عندما يكون الأهل قساة وظالمين فإما أن يحاول الأبناء أن
يكونوا خلافهم ويثبتوا لهم أنهم ناجحون ، ويكدحون بمعنى
الكلمة ليكونوا ما أرادوا ، أو يصبح الأبناء نسخة عن آبائهم
حتى في نهج تعاملهم مع أبنائهم لاحقا ....

 هو يعرف أن لا أحد يختار والديه ،  كما لا أحد يختار أبناءه ،
لكنه تأكَّد أنَّ الله ترك لنا حرية الاختيار في كيفية معاملتنا لأبنائنا
وحتى لآبائنا وفي اختيار أن نكون أو لا نكون ...

بتنهيدةٍ صغيرة حمد الله وشكره لأنه منحه  هذين الوالدين ، ثمَّ
هرع يقبل رأسيهما كأنه لأوَّل مرّة يراهما بعد أن كان مسافرا في
رحلة مابين الطفولة والشباب استغرقته وقتا للعودة  ...

 يهمس الوالدان بامتنان  : عودا حميدا يا بُنيّ !


****

بقلم : مؤيدة بنصر الله / نادية 




الاثنين، 4 يوليو 2016

" نعناع الجنينة" دنيا مسعود

 
"نعناع الجنينة" قصيدة معجونة بطمي جنوب مصر الأصيل، يرجع تاريخها إلى التراث الجعفري ، يصل عدد أبياتها لألفين بيت، في شكل رباعيات، لا يمكن نسبها لشاعر بعينه لأنها تعتبر من فلكلور الأدب القديم ،و يقال أنها تناقلتها الأجيال مع زيادة عليها على فترات متباعدة، تغنى بها الكثير ممن وقع في هواها من المشاهير كل على طريقته، كما أنها أحيت -و لم تزل - ليالي السمر في نجوع الجنوب,,,,
 
"نعناع الجنينة" على طريقة دنيا مسعود
 
 
 
 
جزء من القصيد لمن راق له المتابعة
 
قالت تقصد ايه ياللى انت بتغازلنا
واقف فى طريقنا ان كان طلعنا نزلنا
مواعدين بعضنا من صغرنا ومازلنا
مانفوت بعضنا حتى التراب يعزلنا
 
نعناع الجنينة المسقى فى حيضانه
سجر الموز طرح ضلل على عيدانه
 
امبارح العصر جرس البرنسيس رنّه
فتحت ليا باب شمّيت روايح الجنّه

قالت يالحبيب اصبر قليل استنى

بعد الناس تنوم كل ماتعوزه اتمنى
 
خضارك زى جنينة وطرحت تينات
عودك فى مشيته عاملو منحنيات
عضامك لينه لايقين على التنيات
تانية واتنين تلاته اربع خمس تنيات
 
جالت يابا يابا ريت هناك خياله
تسعين ناجه لجح و العبيد شياله
جلتلها عريسك جانى فى الجياله
ارفضله طلب ولا انتى ليه مياله
 
امبارح عالعشا خبطت باب الاوضه
فتحت ليا واحدة كيف بنات الروضه
بشويش دلّت قميصها وغيرت عالموضه
قام ضرب الايشى كسر بلاط الاوضه
 
طالع للفسح والناس ولا ماراه
وانا تعبان واتدلع استب غير لابراه
اتاوب تمطى جاب الايادى وراه
قام شرط القميص نهده طلع براه
 


الأحد، 3 يوليو 2016

أمي

 
 
 
أمي كبيرررررة,,, منذ الأزل و إلى ما شاء الله ستظل
,,,, أمي تجيد كل شيء
اليتم علم أمي أن الصمود نسق حياة لا يحتمل بديل
اليتم علم قدميها التواؤم /الوصول ,,مهما ارتبكت من تحتها المسارات,,,,
تفر من احتواءات المنحنى,,,  ويظل بريق الأمل في انفراجات يشع من عينيها لينير دروبنا
أمي,,,,, لقد كبرت..!
لقد بلغت الأربعين يا أمي...
أمي,,,
من أجل جسدٍ وهنا على وهنٍ حملني
من أجل فرحة الضنا البكر ,,,
من أجل شعرات غاب سوادها خوفا علي
من أجل حنو الحجر و ربت الأنامل و تهويدة المساء 
من أجل تمسيد خصلات شعري المشاكسة ,,, كان حقا يؤلمني يا أمي
من أجل العيد,,,
 من أجل صاجات كعك تعبق زوايا بيتنا بعبيرها و دفئها,,,
 نعم .. أعلم جيدا ,,أنا تلك المستبدة التي لا تذعن إلا مع خروج أول صاج من كعكِ أمي
من أجل سخافاتي اللا متناهية ، من أجل شراستي الغبية، من أجل صفاقة لساني الذي أشهدت ربي على براءتي منه ليوم الدين
من أجل كل ذلك و ما هو أكثر..............
علميني يا أمي ,,,,, علميني
و إن عجزتِ فلا بأس، لا تيأسي،  فليكن لي من نجواك نصيب
علميني ,,,كيف اقصي عقلي معك خارج نطاق  التفكير و التبرير
علميني ,, كيف أرضيك و بك اليق
علميني.... لا كتب الله لصدري شهيقا في كون لا تسكنيه..!!!

 
نسرين

الكاتبة و الفنانة التشكيلية " هبة عيسى "

 
 

 
" هبة عيسى" كاتبة و فنانة تشكيلية، من مواليد الاسكندرية ، تخرجت من كلية الفنون الجميلة بالزمالك
 من كتاباتها رواية" الأحمر يليق بها" و رواية " شيطلائكية"- لم احظى بالاطلاع عليهما بعد-
 
راقت لي كتابتها النثرية المتفرقة، و جذبتني لوحاتها التي تحمل طابعا خاصا بها، والحقيقة إن الإبداع لا يكمن فقط في موهبتها الأدبية أو في انسيابية ريشتها ، و إنما في استغلالها لخامات البيئة و اعادة تدويرها لتصبح في صورة لوحات جذابة و فريدة.