الخميس، 29 سبتمبر 2016

البن

 
 
البن
***
 
هو تلك الشجرة البرية المعمرة التي تمدنا بالحبوب البنية الأنيقة المدعوة بالقهوة، أطلق عليها هذا الاسم ربما لأنها تقهي شاربها عن شهوة الطعام، و ربما نسبة إلى قرية كافا بالحبشة، كما قيل أيضا أن سبب التسمية يرجع إلى تشبيه العرب مغلي حبوب البن بالقهوة وهي الخمر حينها.
 
عندما يذكر البن، فورا يتبادر إلى الذهن بلاد الحبشة و اليمن والبرازيل، في تلك البقع بالتحديد من الكوكب ينتج بغزارة هذا النبات السحري الذي ازعم أنني لن ابالغ إن وصفته بينبوع الحياة ، و هنا يجب أن نتوجه لله بالشكر على نعمه و الدعاء بديمومتها، فأنا أعجز عن تخيل اليوم الذي تضن علينا فيه الطبيعة بالبن، أو مثلا تقرر الحكومات أن تقل مزاجنا كعادتها فتجرمه لأي سبب سخيف.
فبالاصالة عن نفسي و بالنيابة عن عشاق تلك السمراء، أؤكد أن مسحوق البن يمكنه بجدارة أن يرتق ثقوب جمجمتي التي تحدثها مجريات النهار و بالتالي أعود إلى مساري و اكمل الدوران في دولاب الزمن الذي لا مفر منه.
هنا و في هذا المقال قررت أن ادلو بدلوي بعد أن تفردت الصفحات و الصفحات للحديث عن شجرة البن و مشروبها الشهي البهي- و حق له ذلك-، فهو مصدر لأسم لون بذاته،  بل و أيضا من فرط أهميته أن أتسعت لذلك المشروب مساحات في الشوارع قيل عنها مقاهي ، كما اختيرت على النواصي وفي أماكن لطيفة لتجمع الأحبة و الأصدقاء، فنحن لم نسمع مثلا عن المشاهي أو النعانع.!!
هناك العديد من الأساطير و الحكايات التي تدور حول بدايات شجرة البن و أشهرها هي قصة الراعي الذي لاحظ تغير ممارسات القطيع بعد تناول تلك الثمار و بالتالي أقدم على تجربتها في صورتها الخضراء و من ثم تابع التجربة بعد شوائها و شرب منقوعها و مغليها.
ما علينا ..... نحن بالتأكيد كحزب القهوة لا يعنينا كثيرا متى أو كيف بدأت القهوة كما لا يعنينا سبب تسميتها ,, لكن ما يعنينا هو توافر فنجان القهوة بالشكل الذي يرضي الأذواق على اختلافها و كثرتها.
ينسب كل فنجان قهوة إلى بلد بعينه أشتهر بتقديمه أو إلى نوع الإضافة التي تمت عليه، فهناك القهوة العربي ، التركي ، الأمريكي ، الفرنسي، كما و هناك قهوة بالهيل، بالهندباء، أو بالبندق، أو حتى بالشطة,,!!
لا بأس ف للناس فيما يعشقون مذاهب..!
و مذهبي أنا... هو القهوة على الطريقة التركية
عندما أقول القهوة,,, هذا يعني بن  أشقر ذهبي تحميصه وسط محوج بالهيل و المستكة
عندما يتزامن تحميص البن و طحنه مع اعداده نحصل على فنجان فائق اللذة
البن يجب أن يكون في نعومة الحرير و خفة الريشة
لكل حالة مزاجية فنجانها الذي يتلاءم معها,,, فهناك المزركش، و هناك الأسود و الأبيض، كما و هناك الفنجان الشفاف.
للصباح الوليد  قهوة,,, و لنسيم العصاري فنجان,,, و للمساء أخر انيق
قهوة تركية يعني ركوة نحاس، ضيقة الفوهة، تتسع لفنجان واحد لا غير
قهوة تركية يعني أنيس أيا كان ,, رفيق أو ربما كتاب أو حتى لفافة تبغ أو غنوة.
قهوة تركية يعني سادة,,, أو بالكتير تشعيرة سكر,,, عندها و عندها فقط,,,, ستجد متعة الانتشاء بمرارة البن العذبة
لتحضير القهوة التركية عليك بماء أقرب للجليد,,, ثم نسكب الماء في الركوة حتى يتجاوز بداية الفوهة الضيقة
ملعقة سخية من البن يمكنها أن تحدث المعجزات,,, و لا ضير من بعض شرود و تغافل ينثر معه شذرات البن,, فتسقط سهوا أو عمدا–سيان- فوق شعلة الموقد، ليفوح على إثرها عبير القهوة الاخاذ في ارجاء الدار، فتتلاشى معه كل طاقة سلبية و ترتفع المعنويات.
شعلة اللهب الرهيفة ، و التحريك المستمر، من أهم الأسرار للحصول على فنجان قهوة ناضج كما ينبغي تعلوه رغوة غنية كثيفة.
فنجان القهوة مدلل ,,,يثور و يغضب عندما يشعر أنه ليس محور اهتمام معده، و بالتالي يضن بالمتعة المرجوة منه,, لذلك وجب ملازمة الركوة
بمنتهى الحرص و المودة,,, نمسك مقبض الركوة باليد اليسرى بينما نحرك المشروب باليمنى
و بذلك يتسنى لنا الاستمتاع بمراحل نضج القهوة بالتدريج
عندما تشرع القهوة في الارتفاع ,, يتم رفعها برفق بعيد عن مصدر اللهب,, ثم تعاد الكر و هكذا حتى تصل القهوة إلى أقصى ارتفاع ممكن دون الغليان.
برفق نسكب محتوى الركوة في الفنجان المعد
,,,الآن,,,,, لا عليك سوى أن ترفع فنجانك و تغمض عينيك,,,
مرحبا بك,,,,
 فأنت قد وصلت إلى لحظة ارتشاف قهوتك..!!!  
نسرين 
 
الخطوات المصورة
 
 
 

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق