الخميس، 14 يوليو 2016

قراءة حول رواية " أرض الإله" لكاتبها "أحمد مراد"

 
أرض الإله,,,
رواية فشلت بعد قراءتها في تخمين  هدف الكاتب منها، لا بأس,,, هذا لا يشين الرواية أو الكاتب في شيء، فالأدب عموما سواء في صورة شعر أو نثر قيل أنه مربي الشعوب لكنه بالتأكيد لا يتحتم أن نخرج منه بعبرة أو درس، فالأدب موهبة رسم الصور بالكلمات و صياغة الأفكار-مشاعر أو رؤى- التي  تلح على الكاتب و تحرضه على تناولها بشكل جذاب و ممتع و مفيد.
من وحي اطلاعي على أدب "أحمد مراد" عموما كونت عنه فكرة، فهو كاتب من جيل الشباب ، ذكي،  متميز،  استطاع عبر كتاباته في فن الرواية أن يؤسس لاسمه علامة بارزة و موضع قدم في ساحة الأدب المعاصر، يحسب أيضا لكاتبنا أن بفضله و علي يديه دخل الكثير من الشباب عوالم القراءة، ربما يرجع ذلك لحسن اختياره للموضوعات الشيقة التي تتناسب مع ذوق تلك الفئة العمرية، وربما لسلاسة سرده و لتفاديه المفردات المهجورة الصعبة، كما نجح الكاتب في توريث معشر القراء حالة من الحماس و الترقب لكل ما هو قادم منه و لو حتى من بابا تسليط العدسات المكبرة على كتاباته و من ثم نقده  و ليس الاستمتاع بأدبه فحسب.
 على خطى محفوظ و عبد القدوس يسير أحمد مراد حتى أصبح في خيرة من يصف تفاصيل الأماكن والأشخاص بمنتهى الدقة و الحرفية.
 "أرض الإله" رواية  لم أكن الوحيدة التي انتظرتها بشغف و حماس، ربما لما اعتدنا عليه من الكاتب من تناول موضوعات شيقة و مختلفة، و ربما  بسبب الضجة الإعلامية التي تزامنت مع نزول الرواية و ما قبلها حتى أصبحنا كمن يتابع جنين في رحم أمه و يتحين بشوق ولادته حتى تضمه الكفوف..!
صاحب الحملة الدعائية الضخمة للرواية عرض لمجموعة صور و موسيقى مصاحبة للأحداث، الفكرة عموما جديدة و موفقة و حققت الرواية مبيعات أحسبها مرضية.
اختيار اسم الرواية كان عامل جذب و تشويق و جاء مناسبا لسير الأحداث
قرأت النسخة الإلكترونية من الرواية ، اقترب عدد صفحاتها من الأربعمائة، لم تنساب الصفحات بين يدي برشاقة فكثير ما انتابني الملل.!
تم تناول الرواية على ثلاث محاور في ثلاث عصور مختلفة، اجاد الانتقال فيما بينهم بخفة و تناغم، تحدث عن تاريخ مصر الفرعونية و اليهود و افعالهم في تلك الحقبة الزمنية
كعادته "أحمد مراد" برع في توصيف الأماكن و الأشخاص و رسمهم على الورق بحرفية وضحت جلية في أكثر من مشهد خلال الرواية، لغة الرواية كانت أقوى مما سبق للكاتب كتطور ملحوظ على مستوى المفردة و التعابير و الخيالات و الصور، و أروع ما في الأمر أنه تحاشى العامية تماما على عكس  رواياته السابقة.
لست على دراية كاملة بالتاريخ، لذلك لا يمكنني الجزم بشأن مصدر و منابع الرواية التي استقى منها الكاتب الأحداث، بل و الأدهى أنه لا يمكنني الفصل بين ما هو واقع و ما هو خيال، كثير ما تمكن مني الخلط و التشوش فوقفت بين الصفحات حائرة أتساءل هل أنا أمام سرد لواقع تاريخي أم هو خيال مراد الخصب الذي صبغ الأحداث بصبغة الواقعية أم أنه محض هذيان..!    
ناقش بشكل جلي حقيقة تحريف التوراة و قولبتها في شكل يسمح بتربح فئات على حساب أخرى، و تناول فكرة سيطرة السياسة على الدين و تطويعه لأهواء الحكام و خدمة مصالحهم.
تحايل على شهوة التطويل و المط-المرض المزمن للرواة- بخدعة ، ففرد صفحات و صفحات لقصة موسى و قد حمرها و بهرها حتى يبهرنا بها في زيها الجديد,,, حقيقة  لم يبهرني..!
بشكل مختصر و حتى لا نفض ستر الرواية و يستمتع بها القارئ ,, تحكي الرواية حكاية الراهب الشاب الذي أتهم في جريمة قتل معلمه كاهن المعبد، و تدور الأحداث لكشف غموض و اسرار قتل الكاهن، حملت الرواية قصة رومانسية جمعت بين الراهب و غانية في نظري تم فردها بشكل سيء للغاية و تخللها مشاهد ظهرت محشورة عنوة حتى ظهرت في شكل مبتذل.
لا ادري,,, عموما قصة عشق الراهب و الغانية قتلت سردا و تم تناولها مرارا و تكرارا عبر الأدب حتى أصبحت مبتذلة في حد ذاتها و أعتقد ستظل مهما اجتهد عليها الكتاب .
في اعتقادي الذي يحتمل الخلاف عليه أن قليل من الإباحية من شأنه أن يضخ الحياة في جسد الرواية شريطة أن يتم تناول المشهد بشكل بليغ ،رصين، قوي، خالي من الابتذال و الاسفاف.
في النهاية
 "أحمد مراد",,,, هل كان مثلا بصدد تأريخ حقبة زمنية و تسليط الضوء عليها..!؟
أم غرضه كشف مؤامرات اليهود و توثيق عملية تحريف التوراة..!؟
أم أنه يثبت على قلوبنا قصة نبي الله موسى التي يحفظها صغارنا قبل كبارنا..!؟
لا أعلم حقيقة مغزى أرض الإله لكني أعلم جيدا أن "أحمد مراد" ليرضي الأذواق جعل من "أرض الإله" توليفة تاريخية دينية درامية رومانسية، و أن الهدف منها لم يتجاوز التربح و أعتقد أن مراد قد نال مراده..!!!

نسرين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق