الأربعاء، 18 مايو 2016

مشاعر سريالية


مشاعر سريالية  



كشهب السّماء الهاوية بسرعة فائقة تَمُرُنا أيّام أرضنا الكرويّة
بشتَّى الفصول ، وكتقلُّبات الطَّقس وجنون الرَّبيع تُصادفنا
مشاعر جمّة   في ارتباطنا مع بَنِي جِدَتِنا أو حتى مع الحجر
والجماد وكائنات حيَّة تُعايشنا حتى نألفها وتتوّطد بيننا المشاعر
التّي قد تكون أحيانا سرياليّة التكوين والوصف ...

وتتبادر أسئلة  ذات أجوبة مُبهمة  - كذبذبات حجر على وجه
ماء راكدة  -  عن مدى ارتباط الجماد أو الكائنات الحيّة بنا ،  
تزامنت مع اصفرار وريقات نبتتها الخضراء التي ما لبثت أن
بدأت تُحتضر على أفنانها الصغيرة  ، وتتساقط صرعى في
أصيصها الجميل ،  تراقبها عيناها بفزع متسائلة عن السبب 
 فهي تسقيها كل يوم وتضيف لها التربة الزراعية بين فينة
وأخرى  وتضعها في مكان مناسبِ الضّوءِ والحرارةِ ...

و جفلت لوهلة  رغم أنها لا تتطيَّر وتمقت التَّطيُّر ، لكن صادف
أن ارتبط كلّ شيء جميل تحبُّه مُهدى لها من أشخاص ارتبطت
معهم بمشاعر الأخوَّة والصّداقة والمحبة ،  أنّه عندما  تموت أو
تُكسر الهدية ، تنفرط العلاقة كحبَّات عقد اللآلئ ، ومهما حاولت
لملمتها واسترجاع مشاعرها معهم ، يبقى شيء مشروخ ،
كجرَّة الفخَّار القديمة ، أو تضرب شاطئ علاقتهما عاصفة
هوجاء قد تسكن تارة أو تدمر كل شيء تارة أخرى ...


بحسرة تتذكر ذلك الخاتم الذهبي ، الذي انكسر فجأة في إصبعها
، وما عادت علاقتها بصاحبته كما كانت ...

و الخرزة الزرقاء التي ضاعت ، ثم ضاع جزء كبير من الارتباط
بصاحبتها ...

ذلك الكوب الذي انكسر بين يديها ولم تسمع من صاحبته
خبرا ...

فهل تنبأت تلك العطايا  بضياع أصحابها !!!


كما و يحدث أن نرتبط بأشياء جامدة لكنها تشعر بنا وعندما
ننوي التخلص منها   أو استبدالها تحزن  لفراقنا،  كتلك السيارة
التي  ودوا بيعها فتوقفت عن الحركة  وكأن الحزن نِبَالٌ أصابتها
في مقتل  ...

أو الساعة التي تعطلت وأبت عقاربها أن تتصالح مع الوقت  ...

كذلك البيت العتيق  الذي رشحت جدرانه حزنا ودمعا عند
بيعه ...

و و و ... و يطول الذكر والتذكر ...


تنتفض فجأة من الغوص في عالم أفكارها اللّجي ، وكأن شهب
أسئلتها حفرت هوَّة عميقة مكان وقوعها  فأيقظت السّكون
وتركت خلفها هالة ضوء مهيبة ،  فودَّتْ لو تسأل أشياءها لربما
أعطتها الجواب الشافي ...

وها هي نسمات دافئة تتلاعب بخصلات شعرها  زافرةً وهجَ
تموز على جلدها ، تهمس بقدوم الصيف معلنةً أنّ الأرض ما
تزال تدور منذ أن تكوّن موج المحيطات إلى أن يعتق  الغيم
التَّليد ، فتدور معها مشاعرنا كناعورة نهر "بردى"  تروي ظمأ
براعم تتفتّق زهورا سرياليّة الرَّسم والتَّصوير  ....

****


بقلم مؤيدة بنصر الله / نادية  





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق