الأربعاء، 16 مارس 2016

قهوة بنكهة حبات المطر



قهوة بنكهة حبّات المطر




قطراتٌ تنهمرُ فرادا إلا أنّها تصطّف بهندسة إلهيّة مبدعة

لتتساقط مجتمعة خيوطا كريستالية شفافة فطرية نقية - بكلّ

معنى الكلمة -  راسمة بريشتها الاحترافية لوحة المطر ...


بعيونه الزيتونية يراقب تلك الخيوط المنهمرة بغزارةٍ كنبالِ رُماةٍ

ماهرين لا تلوذ عن هدفها ، ويسمع صوت القطرات تتسابق

للدخول في ذلك الكوب الصغير الذي وضعه خارجا ليجمع فيه

حبّات المطر ...


رويدا رويدا تتجمع بعناء يستغرق وقتا طويلا ليملأ كأسا

صغيرا...

ويتفكّر كيف لذلك الطّوفان الهائل من الخيوط المنهمرة أن يعجز


عن مَلءِ كوب صغير ! أهي قوانين الفيزياء ؟ أم تزاحم حبّات


المطر للولوج فتتصادم وتتشتت ؟أم سخرية القدر منا نحن البشر

؟


أخيرا أحضر كوبه الصغير وأفرغه في غلاية القهوة ، وبحرفية

يضيف ملاعق القهوة والسكر ويمزج الجميع على نار هادئة ،

فتتلاقى حبيبات الغابة الاستوائية مع قطرات المطر المدارية ،

في فنجان قهوة عذرية   ...


يتأمل كوبه محاولا أن يشتم رائحة الطبيعة الأصلية بفطرتها

وطهارتها  ...

ثم يُدني الفنجان من شفتيه ليفُضَّ عذرية قهوة المطر ..

يبدو أنها من الجنة " لم يطمسهن إنس ولا جان " 

وكأنه خطف نظرة إلى الفردوس ، وقطف ثمرة من أفنانها

الدانية ...
فبدت قهوته بماء المطر  مع كل رشفة كبتول  لم يشمها أو

يتذوقها أحد قبله  ...



 نبال المطر تنحسر إلى جعبتها ، وها هو يحتسي آخر رشفة من

قهوة المطر ويبعد  فنجانه أقصى الطاولة ،  و بتوله على استحياء

تسربت نقية في شرايينه ، وتركت رواسبها السوداء في ذلك

الفنجان  ....

يبتسم هامسا : فليكن هذا سرنا الصغير ...




****


مهداة إلى زوجي وشريك حياتي الغالي " عمر "
فهي من وحي إلهامه لي ..


بقلم : مؤيدة بنصر الله / نادية
   

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق