الثلاثاء، 15 مارس 2016

يعيش مليكنا" قصة قصيرة"


 
هناك من قال محض اسطورة,,,
 و من قال بل تحدث كل يوم في سائر ارجاء المعمورة.!
 
يحكى أن,,,,
 
حدث في غابر العصور، أن جنة على الأرض سكنها امبراطور،  قيل عنه أحمق و قيل مغرور.
عنده لكل صبيحة يوم ثوب مخصوص، مطرز من الياقوت و الزمرد فصوص فصوص، قيل محال أن يفنى كنزه ولا هو بمنقوص.
قصره الفاخر لا تضم اروقته دولابا، هو ليس له  في حاجة، فهو لا يكنز ثيابا.
و من خلفه شعبه، شتى الوان المهانة ذاق، شب و نما على الجوع و طأطأة الأعناق، الرضا و الخنوع ديدنه و إلا شُد عليه الوثاق.
هيا,,, شنفوا اذان مليككُم بمعسول الثناء، للتأكيد على ديمومة التأييد و الولاء,,
هيا اطربوني و اشدو بجمال حاكمكم المتأنق، و يا ويحه من يقول ذاك تملق.
جيل بعد جيل، يتعالى الهتاف,,,مليكنا مليكنا ، أنت أنت، غايتنا و المراد من رب العباد، و دونك حياتنا علقم و سم زعاف.
مرت أعوام و أعوام، و الحال على نفس المنوال، إلى أن سمع به معدم  محتال...
فجاء من أقصى المدينة يسعى،و قال ادخلوني على البلاط، أنا اسمي ماهر و عملي خياط، و بهاء مليككم بي وحدي مناط، له عندي ثوب أبدا لن يشبهه سائر الأنماط.
قالوا على الرحب و السعة، حللت  أهلا و نزلت بنا سهلا، و هل يؤرق مضجعنا إلا بهاء مولانا...
قال آتُونِي من كل النفيس أصناف و ألوان، و من الحرير و الذهب و الزبرجد و المرجان، و من  كل ما خُلق ما هو ذو قيمة و شأن، أحيك للمليك ثوبا لم يرى مثله في العالمين انس ولا جان.
فقط تدركه أبصار ذوي الحكمة و الألباب،  يتجلى لكل متقن و من للحظة الحساب يرتاب.
و إن توارى عن الأحمق فلا تثريب عليه، فما كان من أمره إلا صنيع يديه.
و لا تنسونا بالدسم من الطعام، و اللوزيج و حلو الشام، لعمري فمثلكم ضيفه لا يضام.
نزل الخياط المحتال،  ضيفا معززا مكرما  ببرج عال، لشهور يهرج و يمرج  و يدعي "احيك ثوبا حسنه لن يخطر على بال"،  و في ليلة أكتفى فيها بما قد نال.
 قال: يا حاجب، اشهد، إني انتهيت و اكتفيت،  فاجعلني صباحا بين يدي مولانا، البسه ثوبا به يزدان
قالوا: هيا,, إلى قاعة العرش خذوه، و على مولانا باكرا أعرضوه
و عندما جاء الصباح، و ضوء الفجر لاح، دلف المحتال القصر باسط ذراعيه، و كأنه يحمل ثوبا ثقيلا عليه.
و بين يدي السلطان، زف له خبر أن وقت الأناقة قد حان,,,
لا لا ,,,عفوا سيدي ،مُد يديك الكريمة,,
نعم، هكذا,,, و رجليك المهيبة
 في غضون لحظات، كان المحتال قد البسه الخيبة، و فر بالزكائب المحملة بلا أمل في آيبة.
 
كل من رآه قال يالا العجب، أهو قصور في البصر أم من فرط النصب.
فقير وزير الكل قال:
 ويحي,,,, إن قلت لا أرى سأكون من الجهلاء أو في زمرة الأعتاء، و حينها ليس لي إلا  السياء.
و ما كان من السلطان إلا كما من الشعب قد كان، ارتدى الوهم و قلبه به من الصميم فرحان، ارتدى خيبة لم ترد لمثله على مر الزمان، خرج على شعبه يميس بخيلاء و هو في الأصل عريان.
و راح الشعب يردد و يصفق ، يعيش قائدنا النيق الأنيق، يعيش مليكنا المهيب الهمام
يعيش يعيش مليكنا،  بعقله الراجح يعيش، ليته الف سنة يعيش..!!!
نسرين

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق