الأحد، 16 يناير 2022


 عزيزي المتوحش المتوحد

تحية طيبة وبعد

لن اشغلك بالسؤال عن حالك ، أعلم  أنه دائما وأبدا ليس لديك متسعا من الوقت لهذا الهراء ،وبالتأكيد الإجابة ستكون بخير ،وإن كنت على يقين إنك لست بخير ،مع العلم أنك البشري الوحيد على سطح الكوكب الذي يجهل ذلك..

أيضا لن اسألك كيف تمضي الأيام والليالي ،اعلم جيدا أن لديك من المهام ما يشغلك حتى قيام الساعة...

 وفقدت الفضول ،فلا يعنيني كيف انسلخت بهذا الكم الرهيب من اليسر حتى بتنا غرباء كأن لم يجمعنا يوما درب  ...


دعني فقط اسألك عني ،هل تعرفني..؛ هل عرفتني قط..!!

من أنا ..؛أين أنا...!!

هل تدرك كم من الزمن مر وأنا هنا..!

مر عمر ...بل أعمار... مر الكثير والكثير من الحكايا ،سكنت الأحداث كلها ،كلا بل أنا من صنعت مشاهدها ورتبتها بالشكل الذي هي عليه الآن ،وفي كل آن


كنت هنا دائما ..منذ الشهقة الأولى، الحرف الأول والخطوة الأولى ،وما قبلهم أيضا كنت هنا...


ترى إلى أي فجوة لعينة تذهب تلك الذكريات.. أي ثقب أسود يلتهمها ويطمس وجودها ،بأي منطق تتساوى لديك مع اللا شيء.

عزيزي البائس الشهي ..

دعني أخبرك عن حالي قليلا... او كثيرا ،سيان كلا الأمرين ،فلن يصلك منهما لا القليل ولا الكثير، بيد أنه لا يعنيك.

إعلم عزيزي أني لست حزينة ،بل أنا في غاية الامتنان لحالي _لله الفضل والمنة_، نذرت القادم من العمر للجهاد ،وما الشهادة في عرف المجاهد إلا تسديد ونصر من الله

يحدث أن انعصف ،يقرصني بين حين وآخر زمهرير الوحدة، فيستعمرني الخوف أو أمارس التيه في غاباته الغائمة لبرهة ،كما يكويني وخز الخذلان ،فينهمر الدمع الغزير لفداحة الخسائر وويل المصاب ، نعم.. يحدث أن يميد بي كوني ،يثير في الغثيان بعض أسئلة على غرار ماذا لو وماذا بعد ولماذا لم يكن  ،وبين لوم ولهفة ، سرعان ما تهدأ العاصفة ،تسكن الاشياء والمسميات والاوصاف داخلي ومن حولي ، فيتلاشى أي أو كل من ذلك ،عندها ادرك كم كبرت ...


كم من السخافات نبتلعها عنوة تحت وطأة شعار "كل حلو ومر يمر لا شيء يستمر"..


عزيزي الأحمق الجبان حد إتقان الهروب والاختفاء في الجحور المظلمة القميئة ،الجحور التي تعيفها نفسك ، بأعلى الصوت اصرخ في وجهك ..كم انت مقزز مثير للاشمئزاز والشفقة معا، فلتحل عليك كل اللعنات التي تنفر منها النفس السوية، أتمنى لك المزيد والمزيد من الشقاء والبؤس والجوع الذي تود  ، أتمنى أن تنال من الوحدة القدر الذي ترضاه نفسك ،فلا تجد من يسمعك ولا من تسمعه ،أرجو لك دوام التحديق فالفضاء الشاسع البعيد وطول الأمل والامد فلا يكبلك حنون ولا يردعك غال ولا حبيب.

وفي ختام الأمنيات أدعو الله أن يصرفني عنك كما صرفك عني وأن يربط على قلبي فلا يضيرني فيك ولا منك.


عزيزي المشغول حد الدوران اسرع من عقرب الثواني اقترب قليلا دعني أسكب في أذنك سرا كالعادة لا يعنيك 

نعم نعم أقترب اكثر عزيزي حتى لا اسمعني فأنا لم أخبرني كما ولن أخبرني أيضا

هل أنت مستعد الآن ... بصوت خااااافت يوازي ولا يعلو فوق صوت الصمت ،يهمس النابض في أذنك وشوشة مفادها اشتقتك يا هذا ولكن...

لي تحت رأسك البائس كتف يلزمني ...ولكن..

ثمة نظرة تعود لي ،اضعتها في عينيك ، كانت تملئ كوني رضا وأمان وحبور.. هل عثرت عليها  جبرا بخاطري..لكن....

ويحها من لكن... لو لم تكن تلك اللكن العنيدة تتجول فالحكايا يمينا يسارا تعيث فسادا ،كنت أخبرتك كم اشتاق صوتك ودهشتك وتلاحق أنفاسك ... لكن..

كنت أخبرتك أني لا أطمئن علي سوى بين يديك ،وأنك الحقيقة الراسخة الوحيدة في عالم غارق فالزيف... لكن..!!!






 



 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق