الخميس، 28 أبريل 2016

مرآة البشر

مرآة- البشر - الغرور -الإنسان- الشيطان - الصنم-

مرآة البشر



أشعةُ الشمس تشقُّ عباب الفضاء المهيب كسيفٍ من لهيب ،
ناثرةً  حرارتها  ونورها  في أثير كوكبنا الأخضر  ونازفةً
قطرات ندى على مباسم وريقات الزهر المُلوَّن ، معلنةً بدء يوم
من تاريخ البشرية ليس فيه جديد ، فهو يتكرَّر غالبا على نفس
الوتيرة :

/ حروب وقتل وتدمير ومحاولات للإعمار وإثبات الذات /


وها هو يتأمَّل نفسه في مرآة غرفته في ذاك الصَّباح ، محاولا
أن يكتشف نقاط العيب فيه ، فلطالما تساءل عن حكمةِ أنّنا لا
نرى أنفسنا إلا في مرآة ..

-         وما أدرانا أن المرآة تعطينا أبعاد أنفسنا الحقيقية !
وهل فعلا يرانا الآخرون كما نرى ذواتنا في تلك المرآة !


تأمّل نفسه مطولا وهو يفكر ...لكن ! ....

  رويدا رويدا بدأت تأخذه العزَّة بجمال شكله ، وعضلاته
المفتولة ، وتغاضت عيناه أو عقله الباطني  عن العيوب ، وكأنّ 
الغرور في نفسه يغلي ويتصاعد ليغشى المرآة ضبابا ، حاجبا
هو عن هو ، وحاجبا نحن عن نحن  ...

ذلك الغرور نفسه الذي حَدَى بالشيطان  ليتحدَّى به الله  في قصة
الخليقة ، وذاته الذي أقسم إبليس بإغوائنا به ، فهو يجعلنا لا
نرى إلا الأنا ولا نعمل إلا للأنا ، ونرتكب آثاما  ونجحف ونظلم
ونشنُّ حروبا في سبيل الأنا داخلنا ولإرضاء غرورنا ...

ويتفاوت الغرور في ذواتنا ، فيصل إلى حبِّ العظمة وتأْليه
أنفسنا في أقصى درجاته ، أو إلى حبِّ الذَّات وإلغاء الآخرين في
أدنى درجاته ...



ها هو بعد أن انتشى بغروره  حد الثمالة ، يمدُّ يده ويمسح
الغشاوة عن مرآته ، لكنَّ حبيبات الضَّباب أثقل من أن تُمحى
بأصابعه ، لن تتبدَّد إلا بعد أن تكسر الصنم " الأنا " الذي تعبده
داخلك يا ابن آدم !!


 ****

بقلم : مؤيدة بنصر الله/ نادية


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق