الاثنين، 18 أبريل 2016

تساؤلات حول الغيرة

 
 
 

 
تباينت الآراء حول كون الغيرة شعورا تختص به المرأة أم أن للذكور منه النصيب الأعظم، و هل هو سمة شعورية مرحلية لفترة عمرية بذاتها أم أنها صفة لصيقة تلازم الفرد ما لازمته الحياة.
لسنا هنا بصدد قاعدة و إن كان للقواعد شواذ,, إن تحدثنا عن الغيرة بين العشاق نرى كم يتقبل بل و يجل المجتمع السلوكيات النابعة عن الرجل الغيور بينما يمقت و لا يترك المجال و لو بالتعبير في حال أن الطرف المنسوبة إليه الغيرة امرأة، و كأنها شعورا ذكوريا وفقط... في سياق الحديث عن الغيرة بين رجل و امرأة ربما تنشأ الغيرة فقط عقب إذعان لغريزة التملك المتأصلة في الجنس الذكوري لا بدافع الحب كما في حالة بنات حواء، هنا المحفز الرئيسي و الراعي الرسمي للغيرة هو غياب الثقة إما بالنفس أو بالطرف الآخر، و ما يلي ذلك من فرض قيود و نفور أو رضوخ و من ثم تماهي- تبعا لتداعيات الموقف والسجية- ، سيان  هذا أو ذاك لآن النتيجة واحدة و هي انهيار العلاقة و إن ادعى المظهر غير ذلك.
أما عن الغيرة عند الأطفال في إطارها الطبيعي؛  أعتقد لم يخلق بعد من لم يختبره، هو شعور حتمي ربما يتأصل و يظل كامنا في اللاوعي ليطل برأسه بين حين وأخر، و ربما يضمحل تماما مع التقدم في العمر- تبعا للسجية و النشأة - ،و أثبتت التجارب أنه  تتفاقم الغيرة الطفولية وفق علاقة طردية مع الرخاء و التدليل الابوي المفرط، و أن الطفل المدلل الذي أكسبته التجربة و ذكائه الطفولي الحاد  خبرة أن عليه اقتناء كل ما تقع عليه عينه بين يدين اقرانه يعد طفلا سيء المراس، و نبوءة لفرد بائس تعيس بيد أنه دائم الحنق على ذاته و من هم حوله ، ربما ... ربما ..بعكس الطفل المحروم الذي تلقنه الظروف أهم دروس الحياة و هو القناعة عندما تشغله متطلباته الملحة عن التطلع لما هو كمالي أو من الممكن الاستغناء عنه، ليخرج للمجتمع فردا لا تخضعه رغباته،  يخرج فردا قادرا على وضع الأمور في نصابها الصحيح، و الحكم وفق الجوهر لا المظهر.
من هنا و على محور أخر، هل يمكننا أن ندخل الغيرة في نطاق الصفات المطاطية  التي تحتمل أن تكون  محمودة و مذمومة وفق سلوك حاملها و سجيته؛ هل يمكن للغيرة أن تدفع بصاحبها لخوض منافسات شريفة مع نفسه ليثبت نفسه لنفسه بجدارة..!؟
و ترى هل يمكننا أن نعدها وسيلة تحض صاحبها للارتقاء بذاته أم أنها تخلق من حاملها مسخا أجوفا لا يقوى على شيء سوى نفث نيران الحقد و الضغينة لمن هم فوقه ..!؟
في خضم السائرين على درب الغيرة يصعب تحديد إن كان صاحبها يفتقر كلية أو بشكل جزئي إلى مقومات النجاح، أم أن كل ما ينقصه هو حفنة من الثقة بالنفس؛ و الاعتداد بالذات، أو ربما لا ينقصه لا هذا و لا ذاك، فقط لم تجود عليه الحياة بفرصة يثبت من خلالها مواهبه الدفينة.
 لكن من المؤكد تماما أن السائرين على درب الغيرة، لابد لهم من ولوج نفق الحسد ثم الوصول إلى مستنقع السخط الذي يصعب أو ربما من المستحيل الخروج منه دونما تعاسة الروح و تدنسها بشتى الأوزار.
 
نسرين 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق