السبت، 9 يناير 2016

برسم البيع" قصة قصيرة "

 
 
 
برسم البيع
إنه حقا لا يدري هل كان البيت يوما  ما سعيدا , كل ما يعلمه جيدا أنه ما شعر بالرضى قط.
كان دائم الاعتراض و الشكوى، يلوم هذا و يوبخ ذاك، و كأنه المنزه عن المعاص، المعصوم من الأخطاء.... هو نضال الأخ الأكبر .
في البهو....
"دعنا نبيعه" – بمنتهى الاندفاع و الحماس قالها الصغير عايش -  "ألا ترى كل الجيران قد سبقونا للبيع ".
بإحباط  شديد جلس نضال  القرفصاء و وضع  رأسه بين كفيه و قال بنبرة تحمل من التعجب اكثر من الاسى : "كيف نبيعه و في كل ركن منه لنا ذكرى ..... هل يبيع الانسان عمره "!!؟
"لا تكن متحجر التفكير" – قالها الأوسط راغب و هو يهم بالجلوس على مقعد المرحوم والده – "تعلم ...لسنا في حاجة اليه بقدر حاجتنا  لثمنه , لكل منا حياته الخاصة و بيته الخاص .. ما الداع اذن للتمسك به" ؟
ما الداع للتمسك به !
كررها نضال بأسى بينما سقطت من عينه دمعة حسرة . قبل أن يقوم منتفضا و يدنو من راغب و بلهجة حادة يقول : "حقا لا عجب , يوما ما ستخبرني انك وجدت مشتريا لرفاة والدك، بل وربما  ستحاول اقناعي أنها صفقة رائعة "!
ببرود مصطنع يشعل راغب سيجارة بينما يضع ساقه على الأخرى – "و لما لا .. إن كانت حقا صفقة رائعة "– متهكما .
بغضب يمسك نضال بتلابيب ياقته البيضاء ليجذبه تجاهه .
من فوره يعدو تجاههم عايش محاولا التهدئة ... شششششش ..." المشتري قادم، و من العيب أن يجدنا مختلفين  فيما بيننا" .
"اليك عني " – قالها راغب و هو يدفعه و يحاول الخلاص من بين يديه – " من الجيد أن تستمع إلي  , سيباع البيت, أجلا أم عاجلا، و أما  إن كنت في غنى عن حصتك , اتركها لنا نقتسمها انا و عايش" .
تهلل وجه الصغير لِمَا سمع و اشرقت عيناه ....
"اما كفاك خبث صنيعك حتى تشوش تفكير هذا الغرير "– قالها نضال بنبرة مبحوحة و الدموع تملأ عيناه –
دق جرس الباب .. دخل المشتري  ليعاين ,  بعد جولة سريعة  , رفض الشراء و رحل ..!!!
 
نسرين


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق