الخميس، 10 سبتمبر 2015

الطفل السوري الغريق نائم على رمال الشاطئ



مستوحاة من صورة الطفل السوري الغريق آيلان 






"نائم على رمال الشاطئ " 









ظلالٌ مبهمةٌ تتراءى أمام عينيه فتمرُّ مسرعة  في جنح الظلام ، 

ولا يسمع إلا لهاث والديه وتكسُّرِالأعواد اليابسة التي تدوسها ا

لأقدامُ الهاربة من أشباح الموت ،  وبحدقةٍ متوسِّعة مذهولة ، 

وبلسان صغير لا يعرف نطق مخزون الكلمات في مخه البريء 

 ذو الثلاث سنوات ، يتسائل مشدوها بصمت :



" إلى أين يا أبي تحملني راكضا لاهثا  ؟؟


لماذا ياأمي نزحف بين الأسوار والشجر  منذ أيام ، ونهرب 

تتكسَّر تحتنا الأغصان  ؟؟


لماذا يا أبي نركب بخوفٍ هذا المركب المزدحم في خضم

 البحار ؟؟"



لو فهموا تساؤلاته لأجابوه :



" نهرب من وطن أطبق عليه وحش الحرب الكاسر بكماشة 

كرسيٍّ وإرهاب


نهرب من براميل الموت التي تمطرنا كل يوم ، ونخاف أن تقع 


على رؤوسنا يا صغيري



نهرب ببساطة من الموت الذي أباحه الظالم لنفسه أنه  عقاب  


لكلمة خرجت من أفواهنا ..."




-         إذا أمّي  أنا جائع  ونعسان ، أنهكني الهرب وهذي الظلال  !!

أريد أن أستظل بتينة جدي  وألعب بتلك الدمية التي تركناها هناك !!!



-         لا بأس يا صغيري سنصل إلى بلاد الأحلام ، سيعطوننا اللجوء وجواز سفر وجنسية ، وعندها ستنفتح لك الدروب والآفاق ،  حتى لو كانت تلك بلاد الكفار !!


-         لكني يا أمّي مُتعبٌ  و نعسان !!

-         لا بأس يا صغيري ، أغمض جفنيك ونام !!!


وقف بعض ركاب المركب المزدحم فجأة ، واختل التوازن في

 مركب اللجوء  إلى شبح وطن  جديد ، وسقط الطفل  من بين 

ذراعي والده وأمه كسمكةٍ زَلِقةٍ ، ابتلعته أمواج البحر في عقر

 الظلام ...





هاهي  أنوار السَّحَر تداعب رمال الشاطئ االتي تحضن وجهه 

ويديه الصغيرتين ، وأمواج البحر تربتُ على أكتافه وتدندن له 


أنشودة النوم الأبدي ...



لقد أغلق أجفانه ونام،  وعلى لسانه وشفتيه تتهجئ ببطء 


حروف من كلمات مخزون شحيح  ، لم يستطع إيصالها لوالديه 

ولا للعالم ...


فشكرا لك أيها البحر !!



 لمْ تبتلعه أعماقك المظلمة ولم تأكله أسماكك الجائعة ، و لفظتَه 


على شاطئ النور ليراه كل العالم النائم ، وكنتَ أرحم من والديه 

!!


على شفتيه الصغيرتين تيبستْ كلمات :



-         لم يا أبي هربتَ بي من الموت إلى الموت ؟؟  أليس الموت مصيرنا المحتوم ؟؟



العالم كالعادة  شاهد  صورة الطفل الغريق مرميَّا  بصمت ،

 وبكى بصمت ، وتأثَّر بصمت ، وفي النهاية اتضح أن مخزون


الطفل من الكلمات في مخه الصغير البريء ، أكبر بكثير من 

مخزون كلمات العالم الصامت في المخ الماديّ الشّيطاني الخالي 

من الإنسانية ، وتُردِيه السياسة القذرة صريعا  في طميِّ  


النوايا الخبيثة  ...





 *****




بقلم مؤيدة بنصر الله  / نادية 







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق