"كم أنا وحيدة وحيدة "
يهمس الصّبح التّليد فيزفر نسمة باردة تلفح وجنتيّ وهي تندفع
كمُنتظرٍ
طويلا وراء درفتيّ نافذتي ، مُلوِّحةً
لتلك الّليلة الدّعجاء
المنصرمة ...
مع انفتاح ذلك المصراع ولج أذنيَّ موجات عاتية من أصوات
شتى :
صفير ريح ، هديل يمامة ، هدير سيارات ، صياح صبية صغار ،
صفيق
أبواب ، وكأنّ الكون الكبير تسلّل إلى شاطئ سكوني حتى
هُيِّئ إليَّ أني سمعت هدير
دوران الأرض وذبذبات الكواكب ...
زحام مقيت يضجُّ في أثير المدينة
، وينفث الدخان غماما بدا
كهالة مهيبة تعانق السماء ، وتُثقل الجوّ بذرات
الكربون ...
أسدلتُ جفوني أستقبل لمسات الريح المُندَّاة برطوبة الصباح ،
لأكتشف كم أنا وحيدة وحيدة !!!
وحيدة من دونه في كلّ هذا الزّحام والضّجيج ...
بالأمس قد رحل قاطعا آلاف الكيلومترات ، منتعلا طائرة صَلِدة ،
حلّقت
طويلا فوق البحار البعيدة ، إلى أرض جديدة ....
ومع أني أدرك أنّ السفر مؤقت والأيام معدودة ، إلا أني دائما
عند
الوداع أغالب الدّمعة عبثا ، والشّعور
بانقباض النبضة
حتى يثقل القلب - وأكاد
أقسم أني أشعر به سيهوي بين ضلوعي
- وتلك
الغُصَّة التي أحاول إزدرادها دائما ولا أفلح ، وكأنّ
الرّوح تُزهق ...
أسدلت الجفون ثانية ،لأحبس تلك الدمعة ونفسي تأبى الشفقة
على نفسي ، وتستنكر أسئلة
خائفة عن معنى الحياة بدون
وجوده ...
كم أنا وحيدة ، وحيدة !!!
هل الوقت علاج الوحدة ، فأعتادها ؟ أتماهى معها ؟
أم تلك الآمال والأحلام التي تترقرق على صفحة نفسي كأشعة
الشمس تلوّن
وجه الماء بالفضة ؟!!
****
بقلم : مؤيدة بنصرالله / نادية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق