الاكتئاب
عرض أو مرض...
لكنه بالتأكيد لا يندرج تحت بند الدلال، ولا ينبغي اعتباره جرم أو عار، بل على
العكس، العار هو الجهل به و التقليل من شأنه.
لا علاقة
البتة بين الايمان و الاكتئاب ، و القرب أو البعد من الله لا يعد أبدا من أسباب
الإصابة به ، هو فقط ابتلاء و من الوارد جدا أن يسلطه الله على أي من عباده ، مثله
في ذلك مثل أي ابتلاء....
الحقيقة لست
أعرف من لم يمر على الأقل بنوبة اكتئاب في
حياته، لذلك شعرت أنه سيكون من الميمون لو تحدثت قليلا و لو بسطحية عن هذا الضيف
الثقيل.
ازعم أن
الاكتئاب يمكن أن يصيب كل ذرة أو خلية خلقها الله ، الكائنات الحية و الجمادات في
ذلك سواء,,, فالليل يبكي ، و الجدران تبكي،
وشال جدتي للان ما برح يبكيها......
البكاء لا يعد
الشاهد الوحيد على الاكتئاب، بل ربما أيضا يغيب و تجمد معه المآقي,,,
الاكتئاب ,,,,
نوم ثم نوم ثم نوم,,,,, أو لا نوم قط.!
قد يحلق غمام
الاكتئاب من فوقك بعد فاجعة ,,,,أو بلا أي مبرر منطقي.!
مع الاكتئاب
تخفت لمعة العيون، تخونك ,,,فتفصح بصفاقة هنا و هناك كما يحلو لها ,,,
به و معه
تتحول كل نهاراتك إلى غائمة ضبابية تشق فيها الرؤية .!
الاكتئاب
يسلبك الرغبة في أي شيء و كل شيء و بالتالي يتلاشى الطموح و الأمل ،يسلبك العزيمة
فتصبح دمية يتناوب على خيوطها كل من هب و دب، يسلبك الشغف و الشهوة و مذاق الأشياء ثم بالتدريج تنسى مصطلح كان اسمه يوما ما متعة،
يسلبك العادة فتجدك و قد أصبحت لا تعرفك، يسلبك الاعتداد و الثقة ثم رويدا رويدا تجد
أن زمام مشاعرك لم يعد بين أناملك كما كان، عندها تثور بلا داع و تستكين في لحظات
جدير بك الثورة حينها،باختصار إن لم تتعافى و تتخلص من الاكتئاب قد يصل الأمر به
أن يسلبك الروح، فتغدو إما ميتا ينبض، أو تحل عليك ألطاف ربك فتغدو ميتا في كفن..!
إذا حدث و حل
ذاك الضيف البغيض الثقيل عليك أثناء مسيرتك على درب الحياة ؛ لا تلم نفسك أو تصب جام
غضبك على الظروف و الأقدار فهو محض ابتلاء و ينبغي النظر إليه فقط على إنه درس
يختبر فيه صبرك...
التشبث بحبل الله هو سبيلك الوحيد و الأكيد لردع
ذاك البلاء أو للتكيف و ممارسة الحياة بصحبته على أسوء تقدير.!
اعلم جيدا أنك
قدرك و قدر من حولك، و كلما تعلمنا جميعا الرضا بأقدارنا كلما كان السبيل للخلاص
ايسر.
عليك الموازنة
بين النضال معه والاستسلام له، شريطة أن لا تطغى كفة على الأخرى.
فلا بأس أن
تخفض رأسك لرياح الاكتئاب حتى تمر و لا تعصف بك فتقتلعك من الجذور.!
عليك أن تعيش
نوبة الاكتئاب حتى اخرها، و إن لزم الامر لا بأس من الاستمتاع بصحبتها
عليك تأمين علبة مناديل ، و قد يلزمك معطف
و إن كنت في مواسم حارة، و قد تلتصق بأريكة لا تفارقها بالليل و النهار,,,, صدقا لا
بأس..!
من حين لآخر
ناضل بضراوة من أجل تلوين حياتك و بث البهجة فيها من جديد
بقدر الإمكان
عليك أن تبتعد عن كل ما هو مصدر ضيق,,, أو غض عنه البصر.
تغيير الوجوه
و الأماكن و البيئة المحيطة عموما يمكن أن يكون من العوامل المفيدة
يمكنك البدء
في ممارسة السباحة و المشي في الهواء
الطلق إن لم تكن تمارس بالفعل...
لان الوحدة
قدر بينما العزلة اختيار,, لابأس من الانخراط في الأنشطة المجتمعية بأي شكل متاح،
وتوسيع دائرة الصداقة، و التعرف على ثقافات الشعوب المختلفة.
انعش هواياتك
القديمة و تعلم هوايات جديدة ...
عندما ينجلي
الاكتئاب يترك بالروح وصمة و غصة، لكنه أيضا يترك عطايا جليلة من بينها تقدير
النعم و القلب اللين و اتساع محيط الرؤية و الصلابة و النضج .
,,,,,,,بعد تلك
الثرثرة الجوفاء ....
عندما تمسك
بنفسك و أنت تحلم بغد
عندما تجدك و
قد نسقت ورتبت للحظة قادمة
اعلم عندها
أنك قد امسكت بياقة الاكتئاب و سددت ركلة قوية اصابت مؤخرته، و الآن لا عليك سوى أن
تلعن سالف أجداده و تملأ رئتيك بالهواء و تحمد الله على العافية..!!!
نسرين