(المستوية) تريك نفسك كما أنت ..وهذه تصلح للأسوياء فقط..
و(المقعرة) تريك نفسك أصغر مما أنت عليه.. وهذه تصلح لمن لديه عقدة التضخم والعظمة....
و(المحدبة) تريك نفسك أكبر مما أنت عليه.. وهذه تصلح لمن لديه عقدة النقص او فقدان الثقة في النفس.
وهناك نوع من النساء مثل لوح الزجاج, لا ترى نفسك فيها بوضوح, لكنك ترى (من خلالها) الحياة كما هي..
ونوع مثل الزجاج المعتم, قد ترى نفسك فيها, وإن بصورة معتمة, لكنك لا ترى من خلالها أي شيء..
وفي كل الحالات , تبقى المرأة هشة الكينونة, تحتاج الى التعامل معها برفق وهدوء, فإنك إن كسرتها تهشمْتَ أنتََ بداخلها , و........جرحت يدك. واستحالت هي الى شظايا تجرح كل من يلمسها.
ها هو أيلول يرفل بثوب ذهبيّ من أشعة الشمس ، ويزيّن
ناصيته بإكليل من وريقات الخريف البرتقالية ، ويزفر أنفاسا من رياح الشمال القارسة ، توشح سماءه بغيوم حُبلى بودقٍ وابل ، و سنونووات مهاجرة سوداء موشاة بطونها بالأبيض ، فتجتمع الأضداد ، ما بين حرارة وبرودة ، جفاف ورطوبة ، هجرة واستيطان
..
ونتوه في دوامة التعب ، فأجسادنا الصغيرة لا تتحمل تضاد
الكون الفسيح ...
كيف نتصالح مع الحزن حتى نصل للسعادة !!!
أليس الإنسان بمخلوق غريب !!
هل تشعر باقي المخلوقات بما نشعر ؟!!
كان يوما مزدحما بالحوادث المهمة ، لكني كنت كمن يحلم
...
أشعر بأن البشر أطياف تعبر ...
أتحدث معهم وأنا لا أرى وجوهههم ...
أسمع أصواتهم فتبدو كأنها صدى بعيد آت من حلم عابر ..
أمشي وأنا لا أشعر بقدميَّ تمشيان ، وتمرُّني ظلال
البشر مسرعة كأشباح ...
أكاد أرى ابتسامة على ثغري وأنا لا أشعر بها ...
مع ذلك راحة غريبة تسكن قلبي وصدري ..
كم كان شعورا غريبا أن تقضي يوما كاملا وأنتَ تشعر أنك
في حلم !!!
حلم في اليقظة
استمرّ يوما وليلة ونيف ، كنتُ فيه كعابر
سبيل انتعل دربا لا يدري وجهتها وهو حافي القدمين ...
ومن لُجّة ضباب الحلم ، أمدّ يدي وأُأَرجحها في الأثير ، لعلي أكتشف
هل هذه حقيقة أم أحلام !!!
روادتني أفكار متضاربة كأمواج عصفت بها رياح من جهات
مختلفة :
هل الحياة الدنيا حلم نعيشه ونحن لا ندري !!
أم أننا حلم من أحلام الحياة ، البعض منا رؤى جميلة
التأويل ، والبعض كأنه كابوس يؤرق عيون السماء
..
وأعود لأسكب قهوتي السوداء فتتلوّى في فنجاني الأبيض جامعة
التضاد مرة أخرى ، علّها تبدّد أضغاث أحلامي
المؤرِّقة التي أثقلت أجفاني المعلقة بغيوم حُبلى ، تمخضَّتْ ذات
يوم فولدت واقعا قاسيا ....
وريشتي المُنهكة التي غزا الشيب شعيراتها فطعنت في
العمر ، ما زالت ترسم بالأزرق سماء الغد الواعدة ...
وفي انكسارات الضوء في الحبات المنهمرة ، ترسم قوس المطر
بألوانه السبعة ...
في كلّ لون قصة وحكاية ، موشاة بأحلام أزليّة أبديّة بالسلم والأمان وإرادة التغيير ...
"عندما تضرب الريح غابة ، فإنها تعصف بكل
ما هو أمامها ,,, حينها لا تفزع إن رأيت الأغصان تترنح ، فقط تأمل الجذع مليا، فإن بدا لك ثابتا، اِعلم أن الجذور راسخة في عمق الأرض، و لن
تهزم تلك الشجرة و تقتلعها ريح و إن كانت عاتية"..!!
كانت تلك الحكمة هي مضمون ايقونة العمل
السينمائي "العائد" و التي آمن بها و تشبث بطل العمل ليوناردو دي كابريو،
فقد رافقتنا تلك الحكمة من المشاهد الأولى و حتى الأخيرة ضاربة بكل ما هو منطق عرض
الحائط,,,, يحدث..!!
وجب علي الاعتراف أنني و إن كنت لست ممن
يستقي المعرفة من كتاب أو فيلم أو حتى شخوص إلا أنني مؤمنة أن لكل تجربة حياتية
بصمة و لو ضئيلة في تركيبة الشخصية، فقط يجب أن نتفق على ما يمكن أن نعده تجربة
حياتية..!!
بعد 150 دقيقة مشاهدة –هي زمن الفيلم- اكاد
اجزم أن نوبة صقيع اجتاحتني حتى النخاع..,,, ترى هل يمكننا أن نعد هذا الشعور
تجربة ...!!
أثار العمل في نفسي تساؤلات و تأملات عدة، كلها
تدور حول طاقة تشبث الأنسان بالحياة و
مصارعة الموت، و تفاوتهما من شخص لأخر، لا خلاف على أن الحياة رزق و الموت ميقات،
و لا يسيرهما و يديرهما إلا الله بحكمته سبحانه و تعالى-اللهم لا اعتراض- ، لكن لا
بأس من بعض التفكر حولهما من حين لأخر، فإنه يبعث في النفس اليقين و يرسخ الايمان
و يورث الخشوع و السكينة.
كما و جب التنويه أن الفيلم يتضمن بعض
المشاهد الدموية التي لن تضيرنا إن أشحنا عنها البصر لوهلة أو تفحصناها جيدا- لمن
تتحمل روحه ذلك- و هنا يمكنني أن أقول أننا جميعا لسنا بمنأى عن تلك المشاهد في
حياتنا اليومية، فقد باتت تحيط بنا من كل حدب و صوب، إما يحيكها أمام ناظرنا كل
صباح و مساء أصحاب البزات الأنيقة و رابطات العنق و الياقات البيضاء، أهل السلام و
الكلام,,,, أو من هم أقل جسارة منهم ,,,, فئة المغتابين النمامين، و غيرهم كثر...
فتلك المشاهد و إن كانت تبدو للوهلة الأولى
شرسة و لا تمت للإنسانية بصلة إلا أنها بعد قليل من التأمل سنكتشف أنها على رأس
قائمة قوانين بقاء الأنسان على الأرض، و متبعة منذ بدء الخليقة، بل و ستظل إلى أن يرث الله الأرض و من عليها.
يرجع ذلك لحكمة الخالق في خلقه، فقد مدنا ببعض
الغرائز التي حاولت شتى الأديان على اختلافها تهذيبها و تشذيبها بالقدر الذي يسمح
لنا بممارستها وفق لقوانين و مبادئ و مُثل تضمن حماية الأخر من العدوان و التعدي،
فلسنا ملائكة يحكمنا العقل و فقط أو حيوانات تحكمها الشهوة ، و ليس من القويم أن
نتنكر لتلك الغرائز أو أن نطلق لها العنان، بل اتباع المذهب السوي الذي يسير وفق
الشرائع السماوية و الأعراف، فقط هو سبيل النجاة و هو ما يضمن لنا البقاء و
التوازن.
لطالما كنت ساخطة على نفسي الانهزامية، و
قاومت روحها الاستسلامية بضراوة، حتى وصلت إلى ما أنا عليه الآن، و لا أدري حقيقة
إن كنت قد تأقلمت معها و تقبلتها على علتها، أم أني نجحت إلى حد ما في مدها ببصيص
جسارة يعينها على الاستمرار و مواكبة صروف العمر حتى تمكنت مؤخرا من شق طريقها في خضم ضباب الحياة.
إن عدنا إلى الفيلم الذي يعنينا هنا، نجد
البطل يكافح من أجل البقاء بشكل مبهر يدعونا إلى التساؤل: هل الحياة فعلا تستحق
هذا العناء..!؟
أو بشكل أخر: إلى أي مدى علينا التشبث
بالحياة و لو حتى من أجل من حياتنا هي عمود حياتهم الفقري..!؟
علمت أن الفيلم بكل تفاصيله القاسية مأخوذا
عن رواية لقصة حدثت بالفعل، و بالفيلم ذريعة البطل في التشبث بالحياة تمثلت في رمز
البنوة و الدفاع عن حقها في الحياة، و على الرغم من سير الفيلم على درب الانتقام
إلا أنه لم يجرني إلى هذا المستنقع أبدا، فما زلت أرى أن الشخصية ناضلت من أجل بقائها
ذاتها لا من أجل أبن أو انتقام أو أو....
فما راق لي سجن هذا النضال المرير بين قضبان
شعور ما، هو في نظري كان نضالا فطريا غريزيا من أجل البقاء و فقط...
على منحى أخر راقت لي القيم التي عرضها الفيلم،
و ازعم أني تلقيت رسالته على وجه مرضي، بالإضافة لم تحدثنا عنه أعلاه فقد تناول
الفيلم قضية الخيانة بين الأصدقاء و الوفاء عندما يأتي من الأعداء كنوع من عرفان
الجميل، كما أنه أصل فكرة إرجاء الحقوق إلى الخالق الديان ... و هذا أيضا راق
لي..!!
بيئة الفيلم رائعة بل و مبهرة و ممتعة
للمشاهد ،فقد تم التصوير في غابات بيضاء وسط الثلوج و أجواء خلابة من الصقيع تسربت لي
حقا على مدار الاحداث..!!!
ليوناردو
دي كابريو............. كعادته جاء مبهر ممتع، و إن التزم الهمس حينا و الصمت
أحيانا و تخلى عن أهم أداة للمثل والتي يظهر امكانياته من خلالها –الكلام-..!!
"أليخاندرو غونزاليس إناريتو" هو مخرج الفيلم المكسيكي و
الحائز على الأوسكار,, قدم الفيلم برؤية قيمة و ممتعة تحمل من العمق الكثير و
الجهد المثمر.
في النهاية يمكنني أن أقول أن " العائد" من
الأفلام التي تستحق المشاهدة والتأمل فيما خلفها من مضامين...