الثلاثاء، 10 نوفمبر 2015

عيون



عيون

للعيون لغة ساحرة آسرة ، نبرتها الصمت، فريدة و متفردة، ما ضم مفرداتها قاموس قط،  يتداولها البشر منذ بدء الخليقة  فيما بينهم بكل يسر و سهولة، و ذلك على مختلف الوانهم و اجناسهم بل و حتى اعمارهم ، دون تكبد عناء تلقين  مسبق أو تدريب.

قالوا فيما مضى: قد تحكي العيون شيئاً في الفؤاد تخبأ,,, وقد لا تحكي..!!

عيون تفصح عن مكنونها، كنهر جارف يندفع في اتجاه التيار بلا تردد، و عيون تلتزم الجمود مذهب و ديدن، تخفي في طياتها ما قد تحوي ، و عيون تراوغ، تزوغ، متمرسة، تجوب هنا و هناك ،تظهر غير ما تبطن.
عيون ملؤها اليقين، راسخة هادئة، تبعث في النفوس الأمان، و عيون مرتعشة، تقبض على جمر المشاعر، فتزم قبضتها عليها حينا، و تنفلت منها أحيانا ,,,,فتكون تلك سقطتها..!

عيون كغيمة حبلى تأبى عليها المطر ذات زمهرير شجن، تتجول بالأرجاء مثقلة بحملها, تنشد مأوى مهجور تسكن اليه، فتمطر ما في جعبتها من أسى.
 و عيون التماسيح- و هم منها براء- تسكنها دمعة باهتة بلا نكهة، لا هي تسقط فتجف و لا  هي تنضب، ساكنة بالأحداق تنتظر المثول في كل حين.

عيون حادة، ذات سطوة نافذة، تحدق بجشع و تلذذ تنتزع عن فريستها ردائها بلا حياء أو وازع فتنجلي لها الاسرار بلا عناء أو كمد.
 و عيون كسيرة، تلوذ بالفرار يمنة و يسرى، تأن، تصرخ اين الملاذ، جل أمانيها أن تحتضن سرها بين جفونها.
عيون ذات بريق ساحر و كأنها استحوذت وحدها على أطياف الأشعة الكونية، لتعود و تبثها في بهاء جذاب لا يُنكر، تنبض من حورها الحياة، تضحك ، ترقص، تتنفس، تحتضن النسيم بين زواياها في جسارة و اشراقة الشباب مهما بلغت من العمر.
 و عيون معتمة، بكماء، و كأنها لتمثال من حجر، خاوية حتى من الفراغ، تقطن صحاري أرذل العمر و إن كانت في ريعان الشباب.

,,,, عيون ..!!!

عيون ثعلبية، متقاربة الزوايا تنم عن مكر و دهاء، ربما يسكنها خبث أو بعض تسلط 
 وعيون نجلاء، توحي بالبساطة و الاطمئنان، تسقى من معين الحكمة و الوفاء.
عيون يسكن حدقتها كبر و غرور، كستار لضعف يجتز اوصالها من الأعماق
 عيون هيمانة تشبعت بالعشق، ترسل بلحظها سهاما، تبث وميضا وجداني يخطف فؤاد المحبوب.
عيون ناعسات، تميل أهدابها نحو الأرض في سُبات، تُفشي الود و الحنان، تشيع منها أواصر السكينة و الرحمة ،بلطف تُعبد دربها لقلبك، فلا تملك إلا أن تقع في هواها.
عيون زاهدة، قديسة، تشع منها التقوى,,, قد تكون..!
و قد يختبئ خلفها بركان يتطاير حممه..!
عيون جارحة، لاذعة، مُهينة، للحظها وقع كحد السيف بل و أشد، عيون اعمتها الشماتة و التشفي، ضلت سعيها و تخبطت بها الدروب، وعيون شهوانية وقحة تحترف الوشاية غي.

عيون الطفولة و العفوية و البراءة، عيون الطهر و العمر الغرير، عيون الجهل بمجريات كل شيء الا الجمال فحسب، تلك عيون سليلة و ربيبة للخير و النور فقط .
عيون متنمرة، عنيدة، لا يملك المنطق عليها سلطان، هي دائما على حق، و إن أجمع الكون على جهالتها..!!

قد تروي العيون حكايا عمر في لحظات، و بعضها قد  يتكتم على فعل السنين لعمر مديد ,,, لكن حتى العيون، لديها طاقة احتمال و استيعاب، ربما تكون نسبية من شخص لآخر، لكنها حتما ولا بد، ستنم بعفوية عن مكنونها وما يعتمل بالنفس ذات نظرة.

أسرت العيون أو أجهرت، يظل وحده السميع البصير من يعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور..!!!

 
نسرين مصطفى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق