حوار - بين - صديقتين - يمامة - سنونو - مهاجرة - حب -التزام - قيد - كسر- اعتياد
حوار بين
صديقتين
تتجمع غيوم رماديّة في سماء خريفٍ أهلَّ يرفل بثوب نحاسيٍّ
باهت ، فتبرق
وترعد دون أن تمطر أحيانا كأنّه مخاض كاذب ،
أو تنثر طلّا خفيفا يبلّل
ذرات التُّراب فتتصاعد رائحةٌ بتول في
الأثير ، تتنفَّسها تلك السنونو فتجفل وتتلفَّت
يمينا وشمالا وهي
تتساءل هل هاجرت أخواتها أم لا ...
عيون
صديقتها اليمامة تراقب خوفها وتوترها ، وعلى فَنَنٍ بدأت
أوراقه بالاصفرار ، دار
حوار بين الاثنتين :
اليمامة
:
-
هاه يا صديقتي ! هدئي من روعك
دائما أحسّك مشدودة ومتوترة ومستعجلة ...
السنونو:
-
آه يا صديقتي ، السَّماء ملبَّدة والخريف ينفث ريح
الشِّتاء الباردة ،
وعليّ الهجرة أسرابا مع أقراني في كلِّ خريف
كما تعلمين ، وأطفالي صغار يقيدون
حركتي .....
اليمامة :
هوني عليك يا أخية ! لا تقيدي نفسك أبدا ،
فالحب ليس
التزاما يا غاليتي إنه حرية ممتعة ، ودائما ما تجعلينه
التزاما ...
انظري
إلى الأعلى وحلقي ولو بروحك فقط ...
السنونو :
-
لا أستطيع ...
فحبي لهم ولكل شيء
حتى لزهرة صغيرة يلزمني بقيود
كثيرة ...
أخاف أن
يسبقني الوقت السقيم وأنا أراوح مكاني ..
أخاف أن أحلق فلا
أرجع ...
اليمامة مازحة :
-
سأشدك من رجليك ، فقط حلقي ...
السنونو باسمة :
-
إني فعلا مشدودة يا صديقتي ، ثم أني اعتدت قيدي ،
ربمّا لا أريد أن
أكسره وحسب ، كتلك الفتاة التي تراءت لي في
الحلم يوما ، هل تذكرين ! تلك الطفلة
السّمراء التي حاولتُ فكَّ
قيدها لكنها عادت تطلب مني أن أقيدها ثانية ؟!..
تهبُّ نسمة باردة تجمِّد الكلمات ، فيسود الصمت ، ولا
يُسمع إلا حفيف
ورقات الخريف تدحرجها رياح الشَّمال ،
وكأنها أجراس تزفُّ أنباء الرحيل ناشدة طريق
الهجرة
الطويل الذي رسمته يد الخالق بالفطرة
...
****
بقلم مؤيدة بنصر الله / نادية