الخميس، 13 أغسطس 2015

القلق والساعة الرملية

القلق والساعة الرملية








غالبا الإنسان يكون إما أسير الماضي أو المستقبل المجهول 

المرعب ...



وعندما يتوقف في المنتصف ينسى الاستمرار للأمام ولا يعلم أن 


التوكل على الله هو من أهم أسباب التقدم 



وعدم الخوف والقلق ...


منذ فترة مررنا بوضع عصيب كنا فيه حيارى بالتفكير في 


المستقبل وخاصة مستقبل أطفالنا ، في ظل ظروف 


الوطن الصعبة والحرب والدمار وفقدان الأمان ، واستولى عليَّ 


القلق لفترة حتى قرأت مقالةً جميلة عن ضابط بريطاني  كان 



يعمل في هيئة سجلات القبور وكان عمله هو تسجيل أسماء 



الجنود القتلى والجرحى وانتشال الجثث ومقتنيات الجنود، 


والإرسال لأهاليهم خبر وفاتهم ، وكان هذا العمل 


يجعله قلقا دائما وخائفا من أن يخطئ خطأ فادحا أو أن يكون 


من أحد هؤلاء القتلى وألا يعود لرؤية طفله 


وعائلته ، حتى صار يبكي وحيدا ، ويصاب بنوبات خوف وقلق 



قريبة للجنون ،  فزار مستشفى عسكري ، وهناك فحصه أحد 

الأطباء وأكد له أنه خال من الأمراض وأن مرضه نفسي وعقلي 

، وقال له :



"انظر إلى حياتك كأنها ساعة رملية قديمة تتسلل منها حبات 


الرمل حبة حبة  بنظام ودقة ، من القسم الأعلى للأسفل حتى 


ينتهي اليوم ، ولا أنا ولا أنت بمقدورنا أن نلقي بالمزيد من 


حبات الرمل لأنها سوف تتزاحم ولن تمر من دون عطب ما ، 


وهذا ما يحدث إذا فكرنا اليوم بأفكار الغد ولم نعش نظام يومنا 



وأفكاره ، لذلك لا داعي لأن تتزاحم أفكارنا بما سنقوم به في 


الغد، فأفكارنا لما سنقوم بإنجازه اليوم  ...."




بعد كلام الطبيب تغيرت حياة الضابط ، وصار يقوم بمهامه وهو 


يتأمل خيرا في الغد ...



كل يوم نستيقظ ونحن تنتظرنا عشرات المهام والأعمال ، فإذا 


لم ننجزها بنظام ودقة وببطء كما تنساب حبات الرمل من عنق 


زجاجة الساعة الرملية ، فسنصاب بالعطب الجسمي والنفسي 



والعقلي ، فقد لا نستطيع الكف عن التفكير بالمشكلة لكن لا 



نسمح للمشكلة أن تفرض وتأسر أفكارنا وأفعالنا طوال اليوم ، 


ولنتوكل على الله دائما ولنعلم أنه الرحيم ونتعلم من أخطائنا 


ومشاكلنا ...



وهذا لايعني أن لا نخطط للمستقبل ونحدد أهدافا لنا أو لأسرتنا ، 


ولكن لا ندع القلق يسيطر على أفكارناوأنفسنا ،ولنتوكل على 




الله فهو الرازق والشافي والمقدر والقادر والرحمن والرحيم ...





وبعد قراءة قصة الضابط  استفدت منها وأسقطتها حتى على أنّ 



التفكير بالماضي والبقاء أسرى له  يزرع القلق فينا  ، وأقول 



أننا نأسر الماضي ، فلا نتركه يتحرّر منا ونعيش فيه ، في 


الذكريات والآهات ، نتيجة مشكلة أو حادثة ، أو طفولة معينة ، 



ونبقى نلقي اللوم على ذلك ، فلا نستطيع أن نتطوّر ونطوِّر من 


أنفسنا  ، وكأنّنا نترك حبّات الرمل في السّاعة  الرّملية تنساب 



من الجزء العلوي وتتراكم في الجزء السفلي وننسى أو 



نتناسى أن نقلب الساعة لتعود ذرات الرمل بالانسياب و لنبدأ 


يوما جديدا ...




فهل أنت قلق ة  من مستقبل أو من تداعيات ماض ، أم من 



مشكلة تعترض حاضرك، وتعتقد أنها كبيرة ولا 



حل لها  ؟؟



إذا انظر حولك ...




الأرض تدور كل يوم  منذ ملايين السنين ، والشمس ما زالت 


كتلة نار ملتهبة منذ بلايين السنين ، وهناك دول كاملة تُطحن 



برحى الحرب ، فتبدو مشاكلك  صغيرة صغيرة صغيرة  



..................



والحمد لله على كل حال ...





****




بقلم مؤيدة بنصر الله  / نادية  





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق