برسم البيع
إنه حقا لا يدري هل كان البيت يوما ما سعيدا , كل ما يعلمه جيدا أنه ما شعر بالرضى قط.
كان دائم الاعتراض و الشكوى، يلوم هذا و يوبخ
ذاك، و كأنه المنزه عن المعاص، المعصوم من الأخطاء.... هو نضال الأخ الأكبر .
في البهو....
"دعنا نبيعه" – بمنتهى الاندفاع و
الحماس قالها الصغير عايش - "ألا ترى
كل الجيران قد سبقونا للبيع ".
بإحباط شديد جلس نضال القرفصاء و وضع رأسه بين كفيه و قال بنبرة تحمل من التعجب اكثر
من الاسى : "كيف نبيعه و في كل ركن منه لنا ذكرى ..... هل يبيع الانسان عمره "!!؟
"لا تكن متحجر التفكير" – قالها
الأوسط راغب و هو يهم بالجلوس على مقعد المرحوم والده – "تعلم ...لسنا في حاجة اليه
بقدر حاجتنا لثمنه , لكل منا حياته الخاصة
و بيته الخاص .. ما الداع اذن للتمسك به" ؟
ما الداع للتمسك به !
كررها نضال بأسى بينما سقطت من عينه دمعة
حسرة . قبل أن يقوم منتفضا و يدنو من راغب و بلهجة حادة يقول : "حقا لا عجب ,
يوما ما ستخبرني انك وجدت مشتريا لرفاة والدك، بل وربما ستحاول اقناعي أنها صفقة رائعة "!
ببرود مصطنع يشعل راغب سيجارة بينما يضع ساقه
على الأخرى – "و لما لا .. إن كانت حقا صفقة رائعة "– متهكما .
بغضب يمسك نضال بتلابيب ياقته البيضاء ليجذبه
تجاهه .
من فوره يعدو تجاههم عايش محاولا التهدئة ...
شششششش ..." المشتري قادم، و من العيب أن يجدنا مختلفين فيما بيننا" .
"اليك عني " – قالها راغب و هو
يدفعه و يحاول الخلاص من بين يديه – " من الجيد أن تستمع إلي , سيباع البيت, أجلا أم عاجلا، و أما إن كنت في غنى عن حصتك , اتركها لنا نقتسمها انا
و عايش" .
تهلل وجه الصغير لِمَا سمع و اشرقت عيناه ....
"اما كفاك خبث صنيعك حتى تشوش تفكير هذا
الغرير "– قالها نضال بنبرة مبحوحة و الدموع تملأ عيناه –
دق جرس الباب .. دخل المشتري ليعاين , بعد جولة سريعة , رفض الشراء و رحل ..!!!
نسرين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق