مرآة- البشر - الغرور -الإنسان- الشيطان - الصنم-
مرآة
البشر
أشعةُ
الشمس تشقُّ عباب الفضاء المهيب كسيفٍ من لهيب ،
ناثرةً حرارتها
ونورها في أثير كوكبنا الأخضر ونازفةً
قطرات ندى على مباسم وريقات الزهر المُلوَّن
، معلنةً بدء يوم
من تاريخ البشرية ليس فيه جديد ، فهو يتكرَّر غالبا على نفس
الوتيرة :
/ حروب
وقتل وتدمير ومحاولات للإعمار وإثبات الذات /
وها هو
يتأمَّل نفسه في مرآة غرفته في ذاك الصَّباح ، محاولا
أن يكتشف نقاط العيب فيه ،
فلطالما تساءل عن حكمةِ أنّنا لا
نرى أنفسنا إلا في مرآة ..
-
وما أدرانا أن المرآة تعطينا أبعاد أنفسنا الحقيقية !
وهل فعلا
يرانا الآخرون كما نرى ذواتنا في تلك المرآة !
تأمّل
نفسه مطولا وهو يفكر ...لكن ! ....
رويدا رويدا بدأت تأخذه العزَّة بجمال شكله ،
وعضلاته
المفتولة ، وتغاضت عيناه أو عقله الباطني
عن العيوب ، وكأنّ
الغرور في نفسه
يغلي ويتصاعد ليغشى المرآة ضبابا ، حاجبا
هو عن هو ، وحاجبا نحن عن نحن ...
ذلك
الغرور نفسه الذي حَدَى بالشيطان ليتحدَّى
به الله في قصة
الخليقة ، وذاته الذي أقسم
إبليس بإغوائنا به ، فهو يجعلنا لا
نرى إلا الأنا ولا نعمل إلا للأنا ، ونرتكب
آثاما ونجحف ونظلم
ونشنُّ حروبا في سبيل
الأنا داخلنا ولإرضاء غرورنا ...
ويتفاوت
الغرور في ذواتنا ، فيصل إلى حبِّ العظمة وتأْليه
أنفسنا في أقصى درجاته ، أو إلى
حبِّ الذَّات وإلغاء الآخرين في
أدنى درجاته ...
ها هو بعد
أن انتشى بغروره حد الثمالة ، يمدُّ يده
ويمسح
الغشاوة عن مرآته ، لكنَّ حبيبات الضَّباب أثقل من أن تُمحى
بأصابعه ، لن تتبدَّد
إلا بعد أن تكسر الصنم " الأنا " الذي تعبده
داخلك يا ابن آدم !!
****
بقلم : مؤيدة بنصر الله/ نادية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق