قبر سقيم
والريح
تصفر في ثنايا الروح المهجورة ،وتعبث بورقات يابسةٍ
هشة ، كرتمٍ خريفي حزين ، جاء صوتها عبر ترددات الأثير :
هشة ، كرتمٍ خريفي حزين ، جاء صوتها عبر ترددات الأثير :
- والدك
مريض جدا يا ابنتي ...
وريح
الربيع تعبث بحبوب طلع الزهور اليانعة ، ناثرة الكآبة في
طيات الفرح ، و حاملةً عبر ترددات الأثير صوت أخي يقول :
- والدك قد توفي ...
طيات الفرح ، و حاملةً عبر ترددات الأثير صوت أخي يقول :
- والدك قد توفي ...
وعبر
ترددات الأثير وفي ثنايا الريح ، التي لم تحمل إلا صدى
صمتي وحزني وندمي لأني لم أسافر لرؤيته ، كان جوابي ....
صمتي وحزني وندمي لأني لم أسافر لرؤيته ، كان جوابي ....
وبعد
شهور مرَّتْ كثيرة ، حططتُ رحالي هناك ، وأخذتُ الدرب
إلى مقبرة المدينة ،
إلى مقبرة المدينة ،
كنت
بشوق لأن أراه ،واعتقدت لربما أني سأجده في ذلك اللحد
تحت التراب أو ربما جالسا على حافة قبره يبتسم لي ..
تحت التراب أو ربما جالسا على حافة قبره يبتسم لي ..
وصلت مكان دفنه ، و بمشاعر كانت حقا فارغة ، وقفتُ أنظر
باستغراب إلى التراب الأحمر ،ونباتاتٍ خضراء بوريقاتٍ تشبه
الأصابع ، تنمو فوق وبجانب القبر ، تنمو وتتغذى من جثث
ورفات البشر ...
باستغراب إلى التراب الأحمر ،ونباتاتٍ خضراء بوريقاتٍ تشبه
الأصابع ، تنمو فوق وبجانب القبر ، تنمو وتتغذى من جثث
ورفات البشر ...
توقعت أن
أنهار وأبكي وربما أجلس لأهدأ ... لكن المفاجأة أن
مشاعري كانت فارغة جدا ، ولم أستوعب ولم أتخيل أن يكون
أبي هنا تحت هذا التراب وبجانب هذه القبور ...
مشاعري كانت فارغة جدا ، ولم أستوعب ولم أتخيل أن يكون
أبي هنا تحت هذا التراب وبجانب هذه القبور ...
وأكاد
أقسم أني لو حفرت ونبشت هذا القبر لن أجده هناك في
تلك الحفرة السقيمة !!!
تلك الحفرة السقيمة !!!
لم أشعر
حتى بالحزن ، وفرحت لأني تخيَّلتُ لوهلة أني إذا
دخلت الدار العتيقة سأجده هناك تحت عريشته ، يتناول شرابه
المفضل ، الذي لم يكن قهوة ولا شاي ، وإنما أشياء وأعشاب
ممزوجة لطالما نهرناه لأنه كان يشربها ، وكان يبتسم
أويضحك ضحكته تلك ويسكت ويستمر بشرب خلطته السحرية ...
دخلت الدار العتيقة سأجده هناك تحت عريشته ، يتناول شرابه
المفضل ، الذي لم يكن قهوة ولا شاي ، وإنما أشياء وأعشاب
ممزوجة لطالما نهرناه لأنه كان يشربها ، وكان يبتسم
أويضحك ضحكته تلك ويسكت ويستمر بشرب خلطته السحرية ...
تذكرت وجهه
المبتسم وعينيه الطيبتين ، وحمدت الله أني لم
أسافر في ذلك اليوم ولم أرَه ضعيفا مريضا كسيرا حزينا ،
منطفأ العينين ...
أسافر في ذلك اليوم ولم أرَه ضعيفا مريضا كسيرا حزينا ،
منطفأ العينين ...
حمدتُ
الله أنَّ صورته وهو مبتسم قوي نشيط يتحرك هنا وهناك
، بقيت عالقة في ذهني ، ومحت آثار الموت السقيم ...
، بقيت عالقة في ذهني ، ومحت آثار الموت السقيم ...
مرَّت
سنوات ، و كلما دخلت الدار العتيقة أتوقع أن أجده هناك
تحت عريشته يشرب شرابه المفضل ، ويناديني بصوته
الحنون باسم الدلع الذي لم ينادني أحد غيره به ...
تحت عريشته يشرب شرابه المفضل ، ويناديني بصوته
الحنون باسم الدلع الذي لم ينادني أحد غيره به ...
وعندما
تمرُّ الأيام وأنساه وأنسى صورته ، يأتيني في الحلم ،
طيفا معاتبا بابتسامة ، علّي أقرا له ما تيسر من القرآن أو أتصدَّق عنه بما تيسَّر ...
طيفا معاتبا بابتسامة ، علّي أقرا له ما تيسر من القرآن أو أتصدَّق عنه بما تيسَّر ...
ومازال
ذلك الوجه الطيب بتجاعيد اللجين ، وبابتسامة سمحة
تميز تللك العينين ، يجعلني أبتسم ...
تميز تللك العينين ، يجعلني أبتسم ...
رحم الله
وغفر لجميع أمواتنا ...
***
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق