الثلاثاء، 31 يناير 2017

خرافة

قصة- قصيرة - رياح- خرافة - صداقة -

خُرافة




في يوم ما ، لا زمان و لا مكان ... سمعت همسا وشهقات و وشوشات ...
أطلَّت بفضول من نافذتها فلم ترَ إلّا جدار الصّخر شامخا  صلدا أمام شباكها بلونه البركانيّ النحاسي  وكأنه احتوى تاريخ الأرض ثم تقوقع عملاقا حارسا لما بداخله ،  ولم تسمع إلا أنين الريح يصفر في الخندق الضّيق بين الجدار وبيتها كبحَّات أنين نايٍّ شجيٍّ ...


 وبخفة أنامل ساحر دفعت الريح  مصراعي نافذتها ، وعبثت بخصلات شعرها ، وهمست في أذنها :

- فلنكن صديقتين !


عاهدت الريحَ على الصداقة ، وفي كلّ يوم كانت صديقتها  تنقر درفتي نافذتها بأنامل خفية ، وتصبُّ حكاياتها في أذن الفتاة كغقيق نبع انفجر من جوف الحجر ، ثم سال في فجوات الدرب يروي عشبا وبذورا خبأها إصرار الحياة بين مفاصل الصخور ....


 ومرَّت الأيام والريح تحُتُّ في صخور الجبل فيتآكل ببطء ، والسّيل يجرف معه فُتات الصّخر هادرا مع وابل المطر ، حتى هوى الجدار الحجري أمام نافذتها ، فصار المكان أمامها مفتوحا إلى اللا حدود  ...

منذ ذلك الوقت لم تعد تسمع حكايات وهمسات الريح ، ولا نشيج نايها وأنينها المكتوم الذي بات مألوفا ومؤنسا لها كوشاح يحميها من السَّأم والضجر ، فنادت صديقتَها متسائلة  مرارا وتكرارا ... ولم يرد أحد  ....

ثم طفقت تبحث عنها عابرة  الجغرافيا الواسعة التي امتدت على مدى البصر ، حتى وصلت إلى جدار من الصخور عند حافة جبل بعيد ، نادت فردّ الصدى نداءها خاويا نائحا ...

إنه صوتها ، وهذا صداه ، و تفاجأت عندما اكتشفت ، أنَّ كلَّ ما كانت تسمعه من همسات وحكايات لم يكن إلا صدى صوتها وأيامها في جوف عمرها  !!!

فهل كانت صداقتها مع الريح خرافة ؟!!

*****

بقلم : نادية / مؤيدة بنصر الله /




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق